المدح باستخدام نعم وما في معناها

ـ[الدكتور / فتحي خطاب]ــــــــ[28 - Mar-2009, مساء 08:17]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

المدح باستخدام نعم وما في معناها

استخدم القرآن الكريم لإنشاء المدح (نعم _نعما)، كما استخدم (حسن) وقد جاء في واحد وعشرين موضعا ضمن ثماني عشرة آية (1). منها موضعان باستخدام (نعما) وثلاثة مواضع باستخدام (حسن)، وارتبط هدا المدح بسياقات مختلفة تستحق تذييلها بإنشاء المدح والثناء من الله تعالى، ومدح ابتداء الصدقات، وعقبه الإشارة إلى صفة المؤمنين، وتتابعت سياقات المدح فجاء الحديث عمن صبروا على مشاق التكاليف، وعلى جهادهم بإنفاقهم أموالهم سرا وعلانية، ومدح دار المتقين، وسياق أمر الله المسلمين بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والاعتصام، ومدح سليمان وأيوب عليهما السلام في سياق الحديث عن قدرة الله عزّجل (2).

ومثال المدح باستخدام ((نعم)) قوله تعالى: {{أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (3).

المدح هنا جاء لإنشاء مدح الجزاء المرتب على حال هؤلاء المتقين الذين تداركوا ما فعلوه من ذنوب باستغفارهم المولى عز وجل ,سبحانه قد رتب بفضله وكرمه غفران الذنوب لمن أخلص في توبته ولم يصبر على ذنبه فكان جزاؤهم غفران الله لهم ودخول جنتة (4)

ويرى صاحب التحرير والتنوير أن اللام في قوله ((نعم أجر العاملين)) للعهد أي ((ونهم اجر العاملين هدا الجزاء , وهدا يفضل له وللعمل المجازى علية أي إدا كان لأصناف العاملين أجور كما هو المتعارف فهدا نعم الأجر للعامل (5).

ويمكن القول إنها للجنس , وإن الجزاء للناس عامة , من ذكروا الله واستغفروا ولم يصدوا عما فعلوه , لأن ما أضيف إلى الألف واللام بمنزله ما فيه الألف واللام والمعرف بالألف واللام على معنى الجنس , إذا كانت ((أل)) العهدية أوضح واظهر.

ـــــــــــ

1ـ ينظر: سورة البقرة , الآية:271. سورة آل عمران، الآية:137،136. سورة النساء الآية: 58 ـ 89، سورة الأنفال، الآية 40، سورة الرعد، الآية:24، سورة النحل، الآية: 30 سورة الكهف الآية:31,سورة الحج, الآية:78 ,سورة الفرقان, الآية:76,سورة العنكبوت, الآية:58, سورة الصافات, الآية:75,سورة ص, الآية: 44 - 30، سورة الزمر الآية:74، سورة الداريات، الآية:48 سورة المرسلات، الآية:23.

2ـ ينظر تفسيرذلك في تفسير ابن كثير 1/ 474، 581، 2/ 107, 116، 3/ 425، 4/ 181، 311 5/ 275 , 6/ 261 ,7/ 354 ,9/ 265 - 266, 10/ 343 - 345 ,13/ 81 ,319, ,15/ 80 17/ 48.وينظر التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن عاشور، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984 4/ 92168 , 5/ 91 - 96 ,13/ 131 ,14/ 142 - ,143 15/ 311 – 314, 17/ 352 - 353 20/ 23 – 23/ 129 – 130، 253 - 254.

3 ـ سورة آل عمران، الآية 136.

4 - ينظر تفسير ابن كثير، 1/ 581 , وتفسير القرطبي، 4/ 212 , وتفسير التحرير والتنوير، 4/ 92

5 - التحرير و التنوير 4/ 95.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

فإن اللام الجنسية أقوى وأبلغ في تأدية الغرض (1).

وأسلوب المدح هنا جاء إنشاء غير أصلي لمدح جملة الاستئناف، (أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم) وهو استئناف للإشارة إلى سداد عمل المتقين من الاستغفار، وقبل الله منهم، وجيء باسم الإشارة لإفادة أن المشار إليهم صاروا أحرى بالحكم الوارد ((جزاؤهم مغفرة))، لأجل الأوصاف التي توجب الإشارة إليها، وهو هنا الجزاء وهو المغفرة. إن الإقلاع عن المعاصي سبب في غفران ما سلف، وخلصت لهم الجنات لأجل المغفرة، ولو أخذوا بسالف ذنوبهم لما استحقوا الجنات فهدا فضل منة سبحانه وتعالى (2).

ومن ثم كان بالمدح لهذا الجزاء في قولة: (ونعم أجر العملين)، والذي يوحي بأنه معطوف على جملة (جزاؤهم مغفرة) وهي حكم علي المبتدأ (أولئك) إذا كانت جملة معطوف على جملة (جزاؤهم مغفرة) وهي حكم علي المبتدأ (أولئك) إذا كانت جملة (جزاؤهم مغفرة) جملة اسمية خبرية مثبتة، وجملة المدح إنشائية, فإنه يكون من قبيل عطف الإنشاء على الإخبار (3). والمخصوص بالمدح محذوف.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015