حروف المعاني المركَّبة وأثر التركيب فيها

ـ[صدام الفايز]ــــــــ[21 - Mar-2009, صباحاً 08:30]ـ

حروف المعاني المركَّبة وأثر التركيب فيها - د. فائزة بنت عمر المؤيَّد

أستاذ النحو والصرف المشارك بقسم اللغة العربية وآدابها

في كليَّة الآداب للبنات بالدَّمام

ملخص البحث

لقد قسَّم النحاة (الحرف) تقسيماتٍ عدَّة؛ فمنهم من قسَّمه إلى: أحادي وثنائي وثلاثي ورباعي وخماسي، وذلك كما فعل " المرادي " في " الجنى "، ومنهم من قسَّمه إلى: محض وهو الذي لا يقع في الكلام إلاَّ حرفاً، ومشترَك وهو المشارك للأسماء أو الأفعال أو كليهما، وذلك كما فعل " الإربلي " في " جواهر الأدب "، ومنهم من قسَّمه إلى: عامل لاغير، وغير عامل لاغير، وعامل وغير عامل، وذلك كما فعل " المالقي " في " رصف المباني ".

أمَّا تقسيمه إلى: بسيط ومركَّب فلم يقسِّمه هذا التقسيم حسب علمي إلاَّ أبو حيَّان في " ارتشاف الضرب "، وما ذلك إلاَّ لأنَّ التركيب على خلاف الأصل، ولذا ستنقِّب هذه الدراسة عن الحروف المركَّبة والقائلين بتركيبها حتى لو كان القائل واحداً من النحاة.

الحرف في اللغة هو: الطَرَف والجانب، فحرف كلِّ شيءٍ ناحيته، كحرف الجبل والنهر والسيف، وحرفُ السفينة جانب شقِّها، وحرفا الرأس شقَّاه (1)، ولذا سمَّى النحاة ما يأتي في طرف الكلام "حرفا " (2).

والحروف (3) منها ما هو (بسيط) وهو الأصل، ومنها ما هو (مركَّب) وهو الفرع (4)، يقول ابن يعيش (5): (المركَّب فرعٌ على الواحد وثانٍ له؛ لأنَّ البسيط قبل المركَّب) (6)، والتركيب يكون في جزأين لا أكثر (7)، وهو عبارة عن (جمع الحروف البسيطة ونظمها لتكون كلمة) (8).

ومن اللاَّفت للنظر أنَّ الحروف الدالة على معانٍ إذا زيد منها حرفٌ إلى حرف، وضُمَّ إليه دلَّت بالضمِّ على معنًى آخر لم يدلَّ عليه واحدٌ منهما قبل الضم (9).

ولتوضيح هذا سوف تتبع هذه الدراسة بتوفيق الله أشهرَ حروف المعاني التي تركَّبت مع غيرها، وأدَّت معنًى جديدا لم تكن لتؤدِّيه قبل التركيب، كما ستتناول الأمور الأخرى التي يحدثها التركيب في هذه الحروف عدا تغيير

معانيها، وستعرِّج على الخلاف الذي دار بين النحاة حول تركيب بعض هذه الحروف؛ بما يوضِّح حجة القائلين بتركيبه، ورأي المخالفين له وحجتهم ... وهذه الحروف هي:

الحرف الأول: حرف التنبيه والاستفتاح (10) (ألا)

وهو مركَّبٌ (11) من "همزة" الاستفهام الدالة على الإنكار وحرف النفي "لا "، وبما أنَّ الإنكار ما هو إلَّا نفي، ونفي النفي إثبات، لذا أفاد هذا الحرف بعد تركيبه التوكيد والتحقيق (12)، يقول ابن هشام (13): (وإفادتها التحقيق من جهة تركيبها من "الهمزة" و" لا "، وهمزة الاستفهام إذا دخلت على النفي أفادت التحقيق) (14) ويستدلُّ الزمخشري (15) على إفادتها التحقيق بتصدر الجملة بعدها بما تتصدر به جملة القسم؛ يقول: (ولكونها في هذا المنصب من التحقيق لا تكاد تقع الجملة بعدها إلا مُصدَّرة بنحو ما يتلقى به القسم) (16)، أمَّا عن معنى التوكيد الذي دلَّت عليه " ألا " فيبيِّن منشأه الإسفراييني (17) بقوله: (ولعلَّ التأكيد نشأ من الاهتمام المستفاد من ذكرها بشأن الكلام؛ حيث أُزيلت غفلةُ السامع بها قبل ذكره) (18).

و (ألا) هذه تختلف عن (ألا) التي للعرض في نحو قوله تعالى:

{أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} (النور 22)

فحرف العرض هذا لو حُذِف لتغيَّر المعنى (19)، وهو مختصٌّ بالأفعال (20)، أمَّا حرف التنبيه (ألا) فإنَّه يكون في الكلام كالحرف الزائد، يقول الهروي (21): (تكون " ألا " تنبيها وافتتاحا للكلام، وتدخل على كلامٍ مكتفٍ بنفسه) (22)، والدليل على ذلك جواز دخوله على (لا) أخرى؛ في نحو قول عمرو بن كلثوم:

ألا لا يجهلنْ أحدٌ عَلينا فنجهلُ فوقَ جهلِ الجا هِليِنا (23)

ولذا دخلت " ألا " على الجملة خبريةً كانت أو طلبية سواء أكانت الطلبية أمراً أم نهياً أم استفهاماً أم تمنياً أم غير ذلك (24)، فيليها الاسم؛ في نحو قوله تعالى:

{أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} (هود 8)

ويليها الفعل؛ في نحو قول زهير:

ألا أبلغِ الأحلافَ عنِّي رِسَالةً وذُبيَانَ هَلْ أقْسَمتُم كلَّ مُقسَمِ (25)

ويليها الحرف؛ في نحو قوله تعالى:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015