و بهذا سيُعاد النظر في كلِّ أبنية اللغة العربية التي حصرها العلماء بعد استقراء ألفاظها، و سينشأ عن ذلك أوزان جديدة غيرها لكثير من الأبواب كجموع التكسير بأنواعها، و أوزان التصغير، و المشتقات بأنواعها ... إلى آخره.
5 _ اختلال بعض ما أرساه المتقدمون مما يتعلق بعلامات الإعراب الظَّاهرة، أو المقدرة، و من ذلك أنّ الفعل (يقضي) _ مثلا _ ليس مرفوعا بضمة مقدرة كما يزعم المتقدمون، و لكنّه على هذه الصورة لا إعراب له، و جمع المذكر السالم و كذا الأسماء الستة ليسا معربين بالحروف بل بحركات طويلة، بل من عجيب ذلك أن الفتحة لم يدُرْ في خلدها يوما أن تكون علامة للرفع، و لكنها بهذا القول تتبوأ تلك المنزلة، و ذلك في المثنى، فهو في حالة الرفع يكون مرفوعا بفتحة طويلة، بل قد تستبدّ، فتكون علامة للرّفع، و النّصب، و الجرّ، و ذلك فيما يقصر من الأسماء الستّة.
6 _ الجنوح إلى توهُّم أمور، و إلباسها ثوبا من الحقيقة، و من ذلك:
أ _ رأي السُّحيميّ في حروف المدّ الأصول، و أنّ الأصل فيها الهمز، فـ (قال، و باع، و قضى، و فتى)، و نحوها الأصل فيها: (قأل، و بأع، و قضأ، و فتأ) بدليل: (قائل، و بائع، و القضاء، و الفتاء) منكرًا على القدماء قولهم: إنّ وقوع حرف العلة بعد مدّ زائد موجب لقلبها همزة، أمّا (قال، و باع، و قضى، و فتى) فجاءت بعد حذف حرف الهمزة، و تطويل الحركة قبلها. [28]
ب _ رأي السُّحيمي في ياء المتكلم الساكن، إذ يرى أنّ الأصل فيه الفتح، فالأصل في نحو (غلامي): (غلاميَ) ثمّ حذفت الياء مع الفتحة بعدها، و مُدّت حركة الميم قبلها عوضا عن الياء المحذوفة. [29]
و إذا كان قد نُقلَ الخلاف في أصل ياء المتكلم الفتح، أو السكون فقد كان الأقرب مأخذا، و الأبعد عن التكلف أنْ يَدّعي حذف الفتحة!
و على هذا فإنّ واو الجماعة، و ألف الاثنين، و ياء المخاطبة التي عدّها المتقدمون كلمات مستقلّة، و أنّها ضمائر، فهي من قبيل الأسماء تكون خارجة عن أقسام الكلم الثلاثة، فما هي إلا حركات مشبعة، أو طويلة مع ما لها من دلالة بقية الضمائر [30]، و في هذا تقسيم للباب الواحد، بل أنّ ياء المتكلم تكون تارة اسما، و ذلك إذا فتحت، و تكون تارة أخرى حركة طويلة إذا سكنت!
7 _ الحكم على ألفاظ العربية أسماء، و أفعال، و حروف في عدد حروفها بغير حكم المتقدّمين، فكلمة (دعا، و فتى، و إلى) ثنائية، و ذلك و إنْ لم يكن مستنكرا في الحرف، لأنّ منه ما هو أحاديّ إلا أنّ الأسماء، و الأفعال أقلّ أصولها ثلاثة.
8 _ الاختلاف في عدد حروف الكلمة الواحدة في أحوالها المختلفة فـ (قضى، و يقضي، و قال) ـ كما ـ زعموا ثنائّية، بينهما هي في (لن يقضيَ، و قائل) ثلاثّية، و الفعل (رمى) يخالف مصدره (الرمي) مع أنّ أحدّهما أصلٌ للآخر. [31]
9 _ اختلال أوزان الشعر [32]، فمن المعروف أنّ هذه الأوزان تقوم على الحركة، والسكون، فكلمة (لا) مثلا سبب خفيف يتكون من حركة فسكون (/5) في حين يصبح بالمفهوم الجديد لحروف المدّ حركة واحدة.
10 _ اختلال النظر إلى الحذف و الإشباع، وأيّهما الأصل، ففي (صيارف، و صياريف) _ مثلا _ هل الأصل الأولى، و الثانية ناتجة عن تطويل حركة الراء أم الأصل الثانية، و الأولى نتجت عن تقصير حركة الراء؟ و كذا في (مفاتيح، و مفتاح)، و هي عكسها.
ــــــــــــــــــ
[1] ينظر: الإيضاح في علل النحو 54.
[2] ينظر: لطائف الإشارات 2/ 183.
[3] ينظر: العين 1/ 75.
[4] ينظر: كشاف اصطلاحات الفنون 1/ 437.
[5] ينظر شرح المفصل لابن يعيش 10/ 124.
[6] ينظر نتائج الفكر: 112.
[7] ينظر سرّ صناعة الإعراب 1/ 23.
[8] ينظر: نتائج الفكر 83.
[9] ينظر المصدر السابق 84، و بمثل ذلك أشار إلى الفتحة و الكسرة.
[10] ينظر: سرّ صناعة الإعراب 1/ 19.
[11] ينظر نتائج الفكر 88.
[12] ينظر صفحة (16).
[13] ينظر الخصائص 2/ 493.
[14] أشار إلى أوجه الاشتراك الثلاثة الدكتور سلمان السحيميّ في كتابه الحذف و التعويض 98.
[15] ينظر سرّ صناعة الإعراب 1/ 26 ـ 27.
[16] ينظر شرح المفصل لابن يعيش 9/ 64.
[17] ينظر أسباب حدوث الحرف 16.
[18] ينظر: علم اللغة العام الأصوات 76، و أنظر الهامش.
[19] ينظر: اللباب في علل البناء و الإعراب 1/ 63 ـ 64.
[20] ينظر: الرعاية 106.
[21] ينظر سرّ صناعة الإعراب 1/ 61.
[22] ينظر العين 1/ 57.
[23] ينظر: سرّ صناعة الإعراب 1/ 27.
[24] ينظر: الحذف و التعويض 196.
[25] ينظر المرجع السابق 201.
[26] ينظر المرجع السابق 301، و ما بعدها.
[27] ينظر المرجع السابق 355.
[28] ينظر المرجع السابق 342 ـ 345.
[29] ينظر المرجع السابق 361.
[30] أشار إلى ذلك محمد عرفة في كتابه النحو و النحاة بين الأزهر و الجامعة 183 ـ 184.
[31] ينظر المرجع السابق 185.
[32] ينظر المرجع السابق 184.