18: قال جاء في سورة الفتح 48/ 8 و 9 {إِنَّا أَرْسَلْنَكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}. وهنا ترى اضطرابا في المعنى بسبب الالتفات من خطاب محمد (?) إلى خطاب غيره ولأنّ الضمير المنصوب في قوله تعزروه وتوقروه عائد على الرسول المذكور آخرا وفي قوله تسبحوه عائد على اسم الجلالة المذكور أولا هذا ما يقتضيه المعنى وليس في اللفظ ما يعينه تعيينا يزيل اللبس فان كان القول تعزروه وتوقرون وتسبحون بكرة وأصيلا عائدا على الرسول يكون كفرا لان التسبيح لله فقط وان كان القول تعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا عائدا على الله يكون كفرا لأنه تعالى لا يحتاج لمن يعزره ويقويه.

قلت: والجواب على هذه المسالة أنّ من أساليب العرب في البيان أن يخاطب الرجل بشيء: ثم يجعل الخطاب لغيره () وهذا كثير في القران الكريم ومنه {قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى} طه49 وقوله تعالى {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} طه117

اما قوله تعالى {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} فقد قرأ ابن كثير وابن محيصن وأبو عمرو (ليؤمنوا) بالياء وكذلك (ويعزروه ويوقروه ويسبحوه) كله بالياء على الخبر واختاره أبو عبيد لذكر المؤمنين قبله وبعده فأما قبله فقوله (ليدخل) أما بعده فقوله {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ} الباقون بالتاء على الخطاب واختاره أبو حاتم

وتعزروه أي تعظموه وتفخموه قالهُ الحسن والكلبي والتعزير التعظيم والتوقير، وقال قتادة تنصروه وتمنعوا منه، ومنه التعزيز في الحد لانه مانع ...

وقال ابن عباس تقاتلون معه بالسيوف وقال بعض اهل اللغة: تطيعوه (وتوقروه) أي تسودوه قاله السدي وقيل تعظموه والتوقير التعظيم والترزين ايضا والهاء فيهما للنبي صلى الله عليه وسلم، وهنا وقف تام ثم تبتديء (وتسبحوه) أي تسبحوا الله

(بكرة واصيلا أي عشياً وقيل الضمائر كلها لله تعالى فعلى هذا يكون تاويل

(وتعزروه وتوقروه) أي تثبتوا له صحة الربوبية وتنفقوا عنه أن يكون له ولد أو شريك واختار هذا القول القشيري والاول قول الضحاك، وعليه يكون بعض الكلام راجعا الى الله سبحانه وتعالى وهو (وتسبحوه) من غير خلاف وبعضه راجعا إلى رسوله صلى الله عليه وسلم وهو (وتعزروه وتوقروه) أي: تدعوه بالرسالة والنبوة لا بالاسم والكنية ().

ولم يختلف كلام الزمخشري كثيرا عما سبق الا انه قال ((المراد بتعزير الله تعزير دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن فرق الضمائر فقد أبعده)) () وفي المسالة كلام قد يطول ولا يحتمله هذا الرد والله اعلم.

19: قال جاء في سورة الإنسان 76/ 15 {وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِانِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا} بالتنوين مع انها لا تنون لامتناعها عن الصرف؟ انها على وزن مصابيح.

وجاء في سورة الإنسان 76/ 4 {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَفِرِينَ سَلَسِلَا وَأَغْلَلاً وَسَعِيراً} فلماذا قال (سَلَاسِلَا) بالتنوين مع أنها لا تنون لامتناعها عن الصرف.

قلت: والجواب في هاتين الآيتين قراءات نذكرها ثم نذكر توجيه ذلك قرا ابن كثير

(سلسل) بغير الف وصل أو وقف هذه زواية قنبل.

وهناك رواية عن ابن كثير (سلسلاً) منونة وقرأ أبو عمرو بغير تنوين ووقف بألف وقرأ ابن عامر وحمزة (سلسلَ) بغير تنوين ووقف حمزة بغير الف وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر والكسائي سلاسل منونة وروي عن حفص عن عاصم انه كان لا ينون إذا وصل ويقف بالالف. ()

أمّا قوله تعالى {كانت قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ} 15و16 فقد قرأ عاصم في رواية أبي بكر ونافع الكسائي (قواريراً قَوَارِيراً مِن فِضَّةٍ) منونة وقرا حفص مثل

(سلسلا) لا ينون في الوصل ويقف بالإلف على الأولى وعلى الثانية بغير ألف)).

وقرا حمزة وابن عامر (قواريراً .. قواريرا) بغير تنوين ووقف حمزة بغير الف فيهما وقرا ابن كثير (كَانَتْ قَوَارِيرا) منونة (قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ) غير منونة وقرا ابو عمرو (كانت قواريرا) غير منونة ووقف بألف (قَوَارِيراً مِن فِضَّةٍ) غير منونة أيضا ووقف بغير ألف.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015