النحاس: ((وشرح هذا أنّ إبليس اسم أعجمي والأسماء الأعجمية اذا وقعت إلى العرب غيرتها بضروب من التغيير فيقولون إبراهيم وابراهم وابرهام هكذا
أيضا سيناء وسينين والياس والياسين ويس في قراءة (سلم على ال ياسين) بمعنى واحد)) ().
14: قال جاء في سورة البقرة 2/ 177: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الأخر وَالْمَلئِكَةِ وَالْكِتَبِ وَالنَّبِيِّينَ} والصواب أن يقال: ولكن الْبِرَّ أن تؤمنوا بالله لأنّ البر هو الإيمان لا المؤمن.
قلت: والجواب على هذا نقول إنه اعتراض في غاية السماجة والضعف فالذي لا يميز الممنوع من الصرف من غيره كما في الفقرة العاشرة لا يهتدي الى مثل هذا الأساليب القرآنية البديعة ومنه قوله تعالى (انه عملُ غير صالح) وهو من باب زيد عدل وصوم فقال (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ) وهناك تأويل آخر ولكن صاحب البر من امن بالله او وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ أمَنَ بِاللّهِ ().
وبقي أمر آخر أنه لم يميز في هذه الفقرة بين الفعل الماضي واسم الفاعل فقال في بدء الفقرة: أتى باسم الفاعل بدل المصدر يظن أنّ آمن اسم فاعل! ويريد أن يحكم على أساليب القرآن العظيم بالخطأ والصواب.
15: قال جاء في سورة البقرة 2/ 177 {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَهَدُواْ وَالصَّبِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ}. وكان يجب ان يرفع المعطوف على المرفوع فيقول، والموفون .. والصابرون.
قلت: والجواب على هذه المسالة أنّ العرب تنبع بالواو تارة وتستأنف أخرى لغرض الاختصاص والمدح أو الذم كأنهم أخرجوه عن السابق ف (الْمُوفُونَ) رفع عطف على (مَنْ ءَامَنَ) من الآية 177 أي المؤمنون والموفون او خبرهم مقدرا (والصبرين) نصب بفعل مقدر إي اخص أو مدح الصابرين تنبيهاً على شرف هذه الصفة ().
وقال سيبويه: ((ومثل ذلك قوله عز وجل {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَوةَ} () النساء 162
16: قال جاء في سورة ال عمران 3/ 59 {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} وكان يجب ان يعتبر المقام الذي يقتضي صبغة الماضي لا المضارع فيقول كن فكان.
قلت: والجواب على هذه المسالة ما يأتي جهل هذا الحاقد أسلوبا من أساليب العرب وهو أنهم يعبرون عن الماضي والآتي كما يعبرون عن الشيء الحاضر، قصدا لإحضاره في الذهن حتى كأنه مشاهد حالة الأخبار نحو {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ} النحل 124 لان لام الابتداء للحال ومثله قوله تعالى {واللَّهُ الَّذِي أرسِلُ الرِّيَحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً} فاطر 9 قصد بقوله سبحانه وتعالى (فَتُثِيرُ) إحضار تلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الباهرة من إثارة السحاب تبدو أولا قطعا ثم تتضام متقلبة بين أطوار حتى تصير ركاما ومنه هذه الآية الكريمة (ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) أي فكان () والله اعلم.
17: قال جاء في سورة يوسف 12/ 15 {فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَبَت الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}. فأين جواب لما؟ ولو حذف الواو التي قبل أوحينا لاستقام المعنى.
قلت: والجواب على هذه المسالة ما يأتي ان من أساليب العربية زيادة واو النسق حتى يكون الكلام كأنه لا جواب له ()، وهذا كثير في القرآن الكريم ومنه هذه الآية وقوله تعالى {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} الزمر73 والمعنى قال لهم خزنتها وقوله تعالى {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} الصافات103. أي ناديناه ويوجد هذا في الشعر العربي وهذا الذي ذكرناه مذهب الكوفيين فتزاد عندهم الواو في جواب لما وحتى واذا وعلى ذلك خرجوا هذه الآيات وأشباهها.
وقيل جواب لما محذوف وهو قول البصريين واختلف في تقديره وقدره بعضهم فلما ذهبوا واجمعوا ان يجعلوه في غيابة الجب جعلوه فيها وانتصر لهذا الرأي أبو حيان. () رحمه الله تعالى لان قوله (وأجمعوا أن يجعلوه) يدل على هذا المقدر والله اعلم.
¥