البقرة وأفرد في سورة آل عمران أو أفرد فيهما أو جمع فيهما لما ناسب، فورد كل على ما يناسب ويجب، والله أعلم ().
وقال الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي: ((فقال مرة (معدودة) ومرة أخرى (مَّعْدُودَات) مع أن القصة واحدة والحقيقة أن السياق في الموضعين مختلف.
اما الأولى فالكلام فيها على بني إسرائيل وقد أكثر من الكلام عليهم وفي صفاتهم السيئة فذكر أنهم يحرفون كلام الله وهم يعلمون قال تعلى {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} 75 {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} البقرة76.
فهم يعرفون جُرمهم ويّقرُّون به ويعملون به عن قصد وأصرار وقد توعدهم الله بالعذاب بالشديد فقال {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ} البقرة79 وإذن فهم يعلمون أن الله معاقبهم على هذا الجرم فقالوا {إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً} فجاء بصيغة الكثرة.
وليس الأمر في آية آل عمران فقد قال {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَبِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَبِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ} 23 ذلك بأنهم قالوا {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} 24آل عمران.
فليس في آية آل عمران مثل الجرم المذكور في سورة البقرة من ارتكاب الذنب العمد وتحريف كلام الله ففرق كبير بين المقامين فجاء بزمن العذاب الطويل للجرم الكبير والقليل للذنب القليل فقال (مَّعْدُودَاتٍ) بصيغة جمع القلة في آل عمران بخلاف آية البقرة فسبحان الله رب العالمين ().
وبقي شيء آخر بخصوص قوله تعالى {يَاَيُّهَا الَّذِينَ إمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ} البقرة 183 - 182 فقال (أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ) مع أنها أكثر من عشرة أي هي قليلة بسيرة بالنسبة إلى قدرتكم واستطاعتكم، وهو من باب تنزيل الكثرة بمنزلة القلة. ()
13. قال جاء في سورة الصافات 37/ 123 - 132 {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ .. سَلَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ .. إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} فلماذا قال إِلْ يَاسِينَ بالجمع عن الياس المفرد؟ فمن الخطأ لغوياً تغيير اسم العلم. حبا في السجع المتكلف.
وجاء في سورة التين 95/ 1 – 3 {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ فلماذا قال سينين بالجمع عن سيناء؟ فمن الخطأ لغويا تغيير اسم العلم حبا في السجع المتكلف
قلت: والجواب على هاتين المسالتين ما ذكره الفراء وغيره قال الفراء: ((وقوله:
(وإنّ إلْياس لمن المرسلين) 123 ذكر انه نبي وان هذا الاسم اسم من أسماء العبرانية كقولهم إسماعيل وإسحاق والألف واللام منه ولو جعلته من الألْيس فتجعله إفعالا مثل الإخراج والإدخال لجرى)) () ويقصد الصرف والتنوين. وقال (ثم قال (سَلَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ) فجعله بالنون والعجمي من الأسماء قد يفعل به هذا العرب تقول ميكال وميكائيل وميكائل وميكائين بالنون وهي في بني أسد يقولون: هذا إسماعين قد جاء بالنون وسائر العرب باللام .. فهذا وجه لقوله: إِلْ يَاسِينَ، وان شئت ذهبت بالياسين إلى ان تجعله جمعا فتجعل أصحابه داخلين في اسمه)). ()
وقال ((وقد يشهد على صواب هذا قوله {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء} وقال في موضع اخر (وَطُورِ سِينِينَ) وهو معنى واحد والله أعلم)) (). وقال ابن
¥