تفسيرات ضعيفة يتداولونها

ـ[القارئ المليجي]ــــــــ[18 - عز وجلec-2010, مساء 03:28]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

وبعد.

فلا يخفى أن بعض الخطباء والوعاظ ينجرّون في خطبهم ومواعظهم إلى الاستدلال بالقرآن الكريم، وهم لم يتذرَّعوا بعدُ بفهم تلك الآيات التي يستدلُّون بها.

فترى استدلالهم يذهب بمعنى الآية إلى غير ما قال به المفسرون حقًّا.

فمن التفسيرات الباطلة ما يكون بطلانه ظاهرًا واضحًا؛ لمخالفتِه أصول اللغة أو الفقه أو نحو ذلك، ولا يجملُ أن نقف عندها طويلاً بل يكفي أن ندل عليها دلالة سريعة محذرين من قائليها:

- رجلٌ ظهر منه الصلاح، وتصدى للوعظ والإرشاد، واغترَّ به بعضهم حتَّى بعض مَن يُنسب إلى العلم من الشباب، سمعتُه قبل ستّ سنوات في مجلس خاص يعظ الشباب، ويذكرهم بقدرة الله - عزَّ وجلَّ - في الخلق، وتلا: ((أفرأيتم ما تمنون))، وتلا: ((فلينظر الإنسان مم خلق))، ثم قال: فعلى الإنسان أن ينظر إلى الماء الذي خلق منه، ويراه بعينيه، ويتفكر .. قال: وقد فعلتُ ذلك.

طبعًا قوله تعالى: ((فلينظر الإنسان مم خلق)) لا يحتمل هذا النظر بالعين، وإلا لما حُذفتِ الألف من ((ما)).

والآية الأخرى - أيضًا - بعيدة عن هذا الفهم.

وآخر من العوام سمع: ((ووجدك عائلا فأغنى))، فقال: ما شاء الله لقد كان النبي عائلا [يفهمها: عاقلا] صلى الله عليه وسلم.

فمثل هذا لا يخفى بطلانه

* * *

لكن من التفسيرات الباطلة ما يكون بطلانه خفيًّا إلا على من يرجع للتفاسير المعتمدة، وإني ذاكرٌ هنا ما وقفت عليه، راجيًا من الإخوة أن يقفونا على ما مرَّ بهم من ذلك،، والله المستعان.

قال تعالى: ((نساؤُكم حرْثٌ لكُم فأْتوا حرْثَكم أنَّى شئتم وقدموا لأنفسكم)).

سمعتُ محاضرة ضخمة لأحدهم، بناها على هذه الجملة ((وقدموا لأنفسكم))، وذكر أنها تُشير إلى مقدمات الجماع، وما يجوز فيه، بل ما ينبغي.

وتكلم عن الرخصة في الكذب مع الزوج لكسب ودها ورضاها.

ثم استشفَّ - بثاقب بصره - مناسبة هذه الآية بما بعدها: ((ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم)).

فذكر أن الرجل الذي يكذب على زوجته ليتحبب إليها في مقدمات الجماع لا ينبغي أن ينجر للحلف بالله كاذبًا، وأفاض في ذلك.

طبعًا هذا الكلام لا يتضح بطلانه سريعًا، ويحتاج مبطله أن يرجع للتفاسير المعتمدة ليعلم أن: ((وقدموا لأنفسكم)) ليس فيها إشارة إلى مقدمات الجماع.

وأن الآية ((ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم)) ليست تعقيبًا على ما قبلها، بل هي تمهيد لمناسبة ((للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر)).

والله - عز وجل - أعلى وأعلم.

ـ[القارئ المليجي]ــــــــ[19 - عز وجلec-2010, صباحاً 10:55]ـ

ومن التفسيرات التي يتداولونها:

يستدلون بقوله تعالى: ((وتقلُّبَك في السَّاجدينَ)) على أن آباء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأجداده كانوا على التوحيد، وكانوا من الساجدين، ويروْن أنَّ مراد الآية هو تنقل النبي - صلى الله عليه وسلم - في أصلاب الساجدين المؤمنين.

بل يبالغون، فينفون - بإصرار - أن يكون أبو سيدنا إبراهيم الخليل من غير الموحدين ... ويؤكدون - بغير دليل صريح - على أن آزر عمُّ إبراهيم - عليه السلام.

وليس تفسير الآية كذلك في التفاسير المعتبرة.

بل سياق الآيات: ((وتوكَّلْ على العزيزِ الرَّحيمِ * الذي يراكَ حين تقومُ * وتقلُّبَك في السَّاجدين)).

أي: يراك حين تقوم إلى عبادته وإلى الصلاة بالليل، ويرى صلاتَك مع أصحابِك المصلِّين، وتعهُّدك لهم في صلاتِهم، وتفقُّدك ما يقومون به. .... إلى آخر ما قال المفسرون.

والله أعلم.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[19 - عز وجلec-2010, مساء 02:19]ـ

واصل وصلك الله يا شيخنا الفاضل

والأمر لا يقتصر على العامة، بل بعض المفسرين أيضا يتداول آراء شاذة أو باطلة، لا سيما ممن ليس له عناية بالآثار عن السلف.

والآية التي ذكرتها عرضا يخطئ في معناها كثير من الناس أيضا، وهي {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} فيجعلونها من باب (النهي عن كثرة الحلف)، وهذا المعنى وإن ذكره بعض المفسرين، فلا يعرفه أكثرهم ولا يعرف عند المتقدمين.

والصواب أنها من باب (من حلف على يمين فرأى غيرها ... ).

والله أعلم.

ومن التفسيرات الخاطئة أيضا ما قاله بعضهم في قوله تعالى: {فمكث غير بعيد} أن المعنى: وقف الهدهد قريبا من سليمان مما يدل على جرأته وعدم خوفه من سليمان لأنه يتكلم بالحق!

وهذا لا يعرف عند المفسرين، والصواب أنه من باب: (فلم يلبث إلا قليلا).

والله أعلم.

ـ[القارئ المليجي]ــــــــ[20 - عز وجلec-2010, مساء 04:04]ـ

جزاك الله خيرًا يا أستاذنا.

= = =

وقوله تعالى: (((يسألونك عن الساعة أيان مرساها * فيم أنت من ذكراها))).

يرون أن "أنت من ذكراها" جملة مستقلة دالة على أن بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - دليل على قرب الساعة، وأنه من أشراطها.

والحق أن بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقيام الساعة ليس بينهما إلا يسير كما في الحديث، لكن ليس ذلك مأخوذًا من الآية.

إنما قوله تعالى: (فيم أنت من ذكراها) جملة استفهامية .... وهذا هو الذي في التفاسير المعتبرة.

والوقف على (فيمَ) حين يتعرضون له .. إنما هو على سبيل الاضطرار أو الاختبار [بالموحدة].

وما ورد في التفاسير القديمة موافقًا لما يتداوله الناس إنما هو مرجوح.

والله أعلم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015