رابعا: عندما تقول (زيدٌ الطالبُ أفضل الطلاب) فإن المراد بـ (الطالب) هو المراد بـ (زيد) بمعنى أن (الطالب) ليس شخصا آخر سوى زيد، فهذا هو مراد أهل العلم بإضافة الشيء إلى نفسه، ولا يقصدون أن كلمة (الطالب) معناها مساو لمعنى كلمة (زيد)، هذا ما لا يخطر ببال عاقل، فضلا عن طالب علم، فضلا عن باحث يريد أن يرجح قولا على قول!

فإذا سلمنا بصحة هذا الفهم، وأن هذا هو مرادهم من الكلام، فسيسهل علينا بعد ذلك تصور المسألة تصورا صحيحا.

فهل يجوز بناء على ما سبق أن يقال (زيدُ الطالبِ) بالإضافة؟

لا يجوز عند البصريين، ويجوز عند الكوفيين، فهذا هو المقصود بالمسألة، وليس ما فهمتَه!

ولو رددنا عليك بأسلوبك فسننشد قول الشاعر:

وكم من عائب قولا صحيحا ............ وآفته من الفهم السقيم

وهذه مشكلة عامة عند طلبة العلم في هذا الزمان مع الأسف الشديد!

تراهم ينظرون في كلام أهل العلم نظرا سطحيا جدا!! وساذجا جدا!! ولا يتأملون ولا يبحثون ولا يفحصون!

وهم لم يطلعوا على عشر معشار اطلاع هؤلاء العلماء، ولم يحفظوا جزءا يسيرا من حفظ هؤلاء، ولم يثابروا على طلب العلم مثل مثابرة هؤلاء، ثم بعد ذلك يسارعون إلى الإنكار، ويسارعون إلى التخطئة، ويسارعون إلى التوهيم!

ولا يفوتهم مع هذا أن يشينوا كلامهم بالطعن والإزراء والتقليل والتجهيل! ولا يراعون حرمة لهؤلاء العلماء، ولا قدم الصدق التي لهم، وهذا لو سلمنا أن هذه التخطئة صحيحة!! فما بالك وهي في معظم الأحيان تكون مجرد تسرع وخطأ في فهم هذا الطالب المعاصر!

وهذا كثير جدا مع الأسف حتى عند أصحاب الرسائل العلمية الماجستير والدكتوراه.

خلاصة الأمر أن أهم ما ينبغي لطالب العلم عند بحثه ونظره في كلام أهل العلم هو محاولة فهم غور كلامهم الذي بعدنا عنه مئات السنين فأضللنا فهم المراد منه، وكذلك محاولة التأمل والنظر وإعادة النظر والاستعانة بكلام بعضهم في فهم كلام الآخرين، والاستفادة من شروح المتأخرين في استيعاب مقصود المتقدمين.

أما المسارعة إلى التخطئة مع أول خاطر، وبأول نظر، فلا يرجى معه تحصيل علم ولا تحسين فهم.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - Sep-2008, صباحاً 12:38]ـ

سأنقل هذا الموضوع إلى الموضوع الأول، وأرجو أن تضع باقي بحوثك في موضوع واحد حتى يسهل الاطلاع عليه ومتابعته.

ـ[أبو -الطيب]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 06:03]ـ

أخي الكريم أبا مالك لا فض فوك

إن احترام أهل العلم المتقدمين هو الركيزة الأولى في إحسان التلقي عنهم، وفهم كلامهم، كما أنَّ وضع طائفة من العلماء في سلة واحدة وكيل الاتهامات لهم بوصفهم شخصًا واحدًا مخالف للإنصاف الذي ينبغي أن يتحلى به طالب العلم.

ـ[الأديب]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 02:00]ـ

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وصلاة وسلاما على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ثم أما بعد:

.

.

فإني بداية أشكر للأخ الكريم أبي مالك - وفقه الله - ذبه عن علماء هذه الأمة الذين أسأل الله بمنه وكرمه أن يعلي درجاتهم في عليين، جزاء ما قدموه من خدمة لهذا الدين العظيم.

.

.

ثم إني أشكر فيه تأففه من أسلوب (أبي حيدة العراقي)، فهو حقا أسلوب حري بصاحبه أن يجانبه، وأن يتسم بالتأدب والتلطف في حديثه وإن كان الحق معه، ولقد صدق ابن المبارك- رحمه الله تعالى - في مقولته الشهيرة - والتي نقلها ابن القيم - رحمه الله - في مدارج السالكين (2/ 376) - حين يقول: (نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم)، وإنه بأسلوبه (وأقصد أبا حيدة) يذكرني بما درا بين الكسائي واليزيدي - رحمهما الله تعالى - في حضرة الرشيد فكانت الغلبة النحوية لليزيدي فأساء أدبه أمام الرشيد بأن ألقى قلنسوته وتكنى بكنته، فقال له الرشيد - أو يحيى بن خالد البرمكي - تلك المقالة التي أظنها لا تخفى على نحوي، قال له: (والله إن خطأ الكسائي مع حسن أدبه، أحب إليّ من صوابك مع قلة أدبك)، فالتأدبَ التأدبَ مع العلم والعلماء، وعلينا ألا ننسَ وصية ابن حزم - رحمه الله تعالى - لطالب العلم في كتابه (الأخلاق والسير في مداواة النفوس)، علما بأن تلك الوصية تدرس لطلاب المرحلة الثانوية، وهم مطالبون بحفظها!!

يقول ابن حزم - رحمه الله تعالى -: (إذا حضرت مجلس علم فلا يكن حضورك إلا حضور مستزيد علما وأجرا لا حضور مستغن بما عندك طالبا عثرة تشيعها أو غريبة تشنعها فهذه أفعال الأرذال الذين لا يفلحون في العلم أبدا فإذا حضرتها على هذه النية فقد حصلت خيرا على كل حال وإن لم تحضرها على هذه النية فجلوسك في منزلك أروح لبدنك وأكرم لخلقك وأسلم لدينك)، فهل نسيها أخونا (أبو حيدرة)، أم لم يحفظها أصلا؟!

.

.

وبعد: فإني أنصح نفسي وكل من رأى نفسه طالب علم، وأخص بالنصح أبا حيدة أن يقرأ كتاب (تَذْكِرَةُ السَّامِعِ والمُتَكَلِّم في أَدَب العَالِم والمُتَعَلِّم) للشيخ العالم بدر الدين ابن جماعة الكناني، وهذا رابط الكتاب:

http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=14&book=2848

وكذلك كتاب (حلية طالب العلم) للعلامة بكر بن عبدالله أبو زيد - رحمه الله تعالى - ورابطه:

http://www.saaid.net/Warathah/bkar/b8.zip

.

.

وقبل الختام فإني أزيد من التأفف تأففا من الأخطاء الإملائية التي ارتكبها أخونا أبو حيدة، والتي يعاقَب عليها طلاب المرحلة المتوسطة (كالهمزات) مثلا، ولكنها لا شك أقل جرما من الخطأ الإملائي العجيب الذي تكرر وروده في الموضوعين، وذلك الخطأ هو (انشاء الله)، وقد نبه عليه كثيرون في كثير من المنتديات، فحبذا التنبه؛ إذ الصواب الفصل بين (إن) الشرطية، والفعل الماضي (شاء)، أليس كذلك؟!

.

.

ربما أطلت فعذرا. . . . ولكن النفس (بفتح النون والفاء) التهكمي والاستفزازي الذي انتهجه (أبو حيدة) جعلني لا أتورع عن الرد، فإن كان أسلوبي هذا يغضبه فلا أظن أن أسلوبه يرضينا. .

.

.

وختاما غفر الله لنا ولكم ولآبائنا وأمهاتنا ولمن له حق علينا، ولعلمائنا ومشائخنا ولأخينا أبي حيدة ولجميع المسلمين والمسلمات زللنا وخطأنا وتقصيرنا.

.

.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015