ويتمالك الموظف أعصابه ويسأل النحوي: (ولِمَ ذلك كلّه؟)، فيقول: (لأنَّ لي صديقاً نحويّاً يزعم أنَّه لا يجوز أنْ يتزاحم على المقعد الوظيفي الواحد رجلان، وأنا أقول بل يجوز التزاحم ويجوز أنَّ يُضاف (موظف) على رأس (موظف) في نفس المكان، فلمّا افترضتُ وجودَ زيدٍ أفحمته بهذه الحجّة الدامغة فلم يُجبْ بشيء!!)
ويظنُّ الموظف في البدء أنَّ هذا الرجل مجنونٌ وصديقه النحوي هو العاقل لكنه لا يعلم كيف أفحمه بهذه الحجة فيسأله قائلاً: (وهل ألقمته حجراً بهذه الحجّة وكيف؟).
فيقول النحوي: (نعم .. ألقمته حجرين لأَنَّه اتّفقَ معي من قبل على جواز وجود "رجلين" وهما في الحقيقة رجلٌ واحدٌ!!)
وبهذا الجواب أصبح الموظف لا يدري من منهما أكثر جنوناً من صاحبه!!
ولا تحسب أخي اأنّها طرفةٌ خارج الموضوع، فقد قال النحويون أن (للمفردة وظيفة) هي أداء المعنى. ثمَّ تساءلوا: هل يجوز إضافة الشيء إلى نفسه إذا اختلفا في اللفظ؟!!.
فكيف يكون اللفظ مختلفاً والشيء هو نفسه؟ فمثلهم مثل هذين الرجلين لا فرق بينهما أبداً.
ولا تحسب أنَّ هذه الآراء النحوية بعيدة عن التفسير، بل قام التفسير بها ولا يزال قائماً. فحذْفُ المضاف وإقامة المضاف إليه مكانه هو عملٌ قد شُحِنت به كتب التفسير المعتمدة مع الاسف، وعُدَّ عندهم من الأدوات التي لا غنى للمفسّر عنها، بل حرّموا على من لا يعرف (أصول) هذه السفسطة أنَّ يقتربَ من القرآن. فانظر مقدمات أصول التفسير كلّها، انظر مثلاً كتاب (إحياء علوم الدِّين ج1 ص295) وغيرها الكثير. وانشاء الله سوف اقدم مواضيع اخرى ان وافق الاخوة سأمضي وان اعتبروا هذا تجاوز على النحاة وتجريحا بهم فسوف اوقف هذه السلسلة ويعلم الله اني ما اكتب هذه المواضيع الا تنبيهاّ للاخوة الكرام لا أكثر ولا أقل تقبل الله منا ومنكم صيام شهره الكريم والصلاة على خير المرسلين محمد واله وصحبه الاخيار الميامين والسلام
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - Sep-2008, صباحاً 12:34]ـ
وفقك الله وسدد خطاك
أولا: ذكرت في آخر موضوعك أنك إما أن تسير على هذه الوتيرة وإما أن توقف السلسلة؛ وكلاهما خطأ.
والصواب فيما أرى أن تمضي في سلسلتك، ولكن بعد أن تغير من أسلوبك الاستفزازي هذا!! فمع احترامي لك إلا أن بحوثك فيها ضعف شديد، وكان من الممكن أن يغتفر لك هذا الضعف لو كنت تتكلم بأسلوب حسن فيه احترام أهل العلم وإكبارهم، كما هي الطريقة المسلوكة عند طلبة العلم، لكن التعسف الشديد والجرأة العظيمة في كلامك على أهل العلم تجعل كلامك مردودا غير مقبول مهما كان فيه من صواب، فما بالك وفيه الشيء الكثير من الخطأ!.
ثانيا: من أكبر الأخطاء التي يقع فيها طالب العلم أن يظن أن أهل العلم أغبياء أو حمقى، فيحسب أن الأمور الواضحة البدهية يمكن أن تغيب عنهم، أو أنهم يجهلون الأشياء التي يعرفها الصغار من طلبة المدارس، فإن هذا الظن خطأ فاحش لا ينبغي أن يقع فيه طالب العلم مطلقا، بل ينبغي أن يتهم نظره ويقول: لا بد أن يكون الخطأ في فهمي أنا، لأنه لا يعقل أن يكون كل هؤلاء العلماء الكبار الذين أفنوا أعمارهم في طلب العلم وخدمته وبحثه ومدارسته قد وقعوا في مثل هذا الخطأ الذي لا يقع فيه الصغار، فإذا رأيت شيئا من هذا في كلام واحد من أهل العلم فينبغي أن تتهم نظرك وتبحث عن فهم آخر لكلامه، هذا لو كان واحدا، فما بالك إذا كانوا بالعشرات!! فهذا أحرى وأحرى أن تتهم نظرك وتعرف أن الخطأ عندك أنت لا عندهم.
ثالثا: لم تبين في بحثك رأيك في مسألة الترادف، ولكن الظاهر أنك تنكر وجودها، وبغض النظر عن الراجح في المسألة، فمن الواجب على طالب العلم أن يتعمق في فهم كلام أهل العلم قبل أن يناقش ويبحث ويرجح؛ فإن هذا من بدهيات البحث العلمي؛ لأن من أقبح الأشياء أن تتكلم فيما لا تعلم بكلام من يعلم، وأما مسألة الترادف فقد يظهر للناظر من تأمل عبارات أهل العلم أن مقصود من أثبت وجوده في كلام العرب التقارب في المعاني وليس التساوي المطلق؛ لأن التساوي المطلق بين شيئين لا يمكن وجوده إلا إذا كانا شيئا واحدا، فإذا كان هذا الفهم صحيحا سهل بعد ذلك تنزيل كلام أهل العلم على محمله الصحيح، وظهر أن لا لبس فيه ولا خطأ.
¥