ـ[أبو -الطيب]ــــــــ[04 - صلى الله عليه وسلمug-2008, مساء 08:13]ـ
بارك الله فيكم أخي ابا مالك
وكل من المنهجين مطلوب لأغراض.
ولكن ما الذي في كلامي جعلك تقول: (ويبدو أنك تريد دراسة أصول النحو دراسة وصفية لا دراسة تأصيلية)؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[04 - صلى الله عليه وسلمug-2008, مساء 08:21]ـ
هذا ما بدا لي من كلامك يا أخي الفاضل، والأمر يسير.
ـ[أبو -الطيب]ــــــــ[09 - صلى الله عليه وسلمug-2008, مساء 04:21]ـ
ثالثًا: تاريخ أصول النحو
من الحقائق المقررة أنَّ كُلَّ علم يدرس ظاهرة ما تكون هذه الظاهرة أسبقَ فى الوجود منه، ومن ثَمَّ يمكن القول بأنَّ أصول النحو أى أدلته وشروطها وكيفية الاستدلال بها كانت كامنة فى أذهان النحاة الأوائل، بدأ تكوُّنُها مع بداية تفكيرهم فى وضع علم يضبط اللسان العربى ويعصم متعلمه من اللحن فيه، ثُمَّ نَمَتْ مع تطور بحثهم فى اللغة حتى أصبحت منهجًا مستقرًّا لا ينفى الخلاف بالطبع لكنه يَدُلُّ على اتحاد المسار والهدف والوسائل بوجه عام، وكان لهم إشارات إليها فى أثناء حديثهم عن قواعد النحو وأحكامه، أو حينما يتوجه إلى أحدهم سؤال مباشر عن أمر منهجىٍّ.
ثم أنشأ النحويون يصنفون فى العلل النحوية مصنفات مستقلة بدأت بكتابين لقطرب والمازنى واتسعت فى القرن الرابع فصنف فيها لَكْذَة الأصبهانى، وهارون بن الحائك، وابن كيسان، والزجاجى، ومبرمان، وابن الورّاق، والمهلبى، والفارقى [انظر: النحو العربى ـ العلة النحوية للدكتور مازن المبارك ص94، 95]، وخصها ابن جنى فى الخصائص بحوالي أربعة عشر بابًا فيها لفظ العلة أو الاعتلال ونحوهما، غيرَ ما عقده لعلل معينة كالحمل على المعنى وعدم النظير، والاستغناء، وإصلاح اللفظ.
وعلى الرغم من أنَّ النموذج الذى وصلنا من هذه الكتب ـ وهو الإيضاح فى علل النحو للزجاجى ـ لم يبحث العلة بحثًا نظريًّا أصوليًّا إلا فى إشارة سريعة () مما ينبئ عن ارتباط هذه المصنفات بالفروع أكثر من ارتباطها بالأصول ـ بالرغم من هذا فإننَّا يمكن أن نلمح من الاهتمام بموضوع العلل وفصله فى مصنفات مستقلة بدايةَ التوجه إلى النظر فى الأمور المنهجية التى تحكم قواعد النحو وأحكامه، وهذا هو التمهيد الطبيعى لظهور علم أصول النحو.
أمّا بداية التصنيف فى علم أصول النحو فكانت على يد ابن جنى (ت392هـ)، وإن سبقه من استعمل لفظ "الأصول" فى مؤلفه كابن السراج (ت316هـ).
فالحقُّ أنَّ المراد بكلمة "الأصول" عند ابن السراج القواعد الأساسية فى النحو، وهو يبنى عليها فى كل باب مسائل عبارة عن تطبيق للقواعد المذكورة فيه، وهذا المعنى للأصول ظاهر لكلِّ مَنْ طالع كتابه، وليس غريبًا عن استعمالات النحويين فى تلك الفترة، وقد سبقت الإشارة إلى استعمال الزجاجى لها بهذا المعنى.
هذا وقد صَرّح ابن جنى بأنه لم يَرَ أحدًا من علماء البلدين تعرّض لعمل أصول النحو على مذهب أصول الكلام والفقه. وهو يعنى بالمذهب هنا الطريقة أو المنهج العام من حيث إنه علم يبحث فيه عن الأدلة، وليس معنى هذا نقل كلام أهل الأصولَيْن فى كتاب عن أصول النحو.
على أنَّ ابن جنى قد أشار إلى سبق أبى الحسن الأخفش (ت210هـ) إيّاه بتصنيف كُتَيِّبًا فى شىءٍ من القاييس، وذكر أنَّ كتابه (الخصائص) يغنى عنه.
ثُمَّ سكت النحاة بعد ابن جنى ما يقرب من قرنين من الزمان عن هذا العلم، حتى جاء الأنبارى (ت577هـ) فوضع كتابه لمع الأدلة فى أصول النحو، ووضع معه كتابًا فى الجدل سماه الإغراب فى جدل الإعراب، وقال عنهما فى نزهة الألِبَّا: «وألحقنا بالعلوم الثمانية علمين وضعناهما: علم الجدل فى النحو، وعلم أصول النحو «، وقال عن الأوّل فى مقدمته: «ليكون أوّل ما صنف لهذه الصناعة فى قوانين الجدل والآداب «، ولم يُشِر إلى أوَّلِيّة الثانى فى مبدئه.
ثُمَّ سكت النحاةُ سكةً أخرى عن هذا العلم الذى قَرَّبَه ابن الأنبارى وهَذَّبه نحوًا من أربعة قرون، حتى جاء السيوطى (ت911هـ) وألف كتابه الاقتراح فى علم أصول النحو، وأعاد دعوى الأوّليّةِ ثالثة حين قال عن كتابه: «هذا كتاب غريب الوضع عجيب الصنع، لطيف المعنى طريف المبنى، لم تسمح قريحة بمثاله ولم ينسج ناسج على منواله [وهذه عبارة ابن هشام الأنصارى رحمه الله تعالى فى مقدمة مغنى اللبيب] فى عِلْمٍ لم أسبق إلى ترتيبه ولم أتقدم إلى تهذيبه، وهو أصول النحو.
¥