العربى نطقًا صحيحًا، والثانى فهمه فهمًا مستقيمًا، وقد جمعهما ابن مالك بقوله:

وَبَعْدُ فالنَّحْوُ صَلاحُ الأَلْسِنَهْ ... والنَّفْسُ إِنْ تَعْدَمْ سَناهُ فِى سِنَهْ

بِهِ انْكشافُ حُجُبِ المعانى ... وجَلْوَةُ المَفْهُومِ ذا إِذْعانِ

إذا عرفنا هذه الفائدة للنحو أدركنا قيمة علم أصول النحو وثمرته البعيدة.

وأمَّا الموقع القريب أو الثمرة القريبة لهذا العلم فيجملها ابن الأنبارى فى قوله: «وفائدته التعويل فى إثبات الحكم على الحجة والتعليل، والارتفاع عن حضيض التقليد إلى يفاع الاطلاع على الدليل، فإنَّ المخلد إلى التقليد لا يعرف وجه الخطأ من الصواب، ولا يَنْفَكُّ فى أكثر الأمر عن عوارض الشك والارتياب».

وتتمثل هذه الثمرة فى وضع النحو، وتنقيح مسائله، وتحرير أدلته، والترجيح بين آرائه، تلك هى الغاية القريبة لعلم أصول النحو وهى ـ كما يظهر ـ منصبة على النحو ذاته، وفى سبيل تحقيق علم أصول النحو لغايته القريبة يمكن أن نميز بين أربع خطوات أو أعمال يقوم بها هذا العلم هى:

1 - الاستنباط والتقعيد.

2 - الاستدلال.

3 - الترجيح بين الآراء.

4 - التوجيه والتخريج للنصوص.

وفيما يلى كلمة موجزة عن كل عمل أو وظيفة من هذه الوظائف، مع ملاحظة إمكان توارد الثلاث الأخيرة على محل واحد.

(1) الاستنباط والتقعيد:

وأعنى بالاستنباط استخراج الحكم النحوى لأول مرة، وهو فى اللغة الاستخراج، مأخوذ من استنباط الماء أى استخراجه من قعر البئر، وكُلُّ ما أظهر فقد أُنْبِطَ [انظر: لسان العرب 6/ 4325]، وفيه معنى المعالجة العمل للوصول إلى الشىء.

ويُراد بالتقعيد وضع القاعدة، وقد قرنت بينهما هنا لأنهما يمثلان مرحلة واحدة تخرج فيها القواعد والأحكام إلى الواقع بعد أ ن كانت كامنة فى بطون الكلام.

وهذه المرحلة أقرب لأن تكون تاريخًا إذ إِنَّ قواعد النحو قد وضعت، واكتمل وضعها، فى المراحل الأولى من حياة النحو، وأصبحت إضافة قاعدة جديدة أمرًا عسيرًا، لكنه محتمل. ودور أصول النحو هنا يتمثل فى أمرين:

الأول: كشف المنهج الذى سار عليه المتقدمون فى وضع قواعد النحو.

والثانى: ربما انفتح لأحد المتأخرين سبيل لاستنباط قاعدة فرعية فيكون "أصول النحو" معينًا له على ذلك.

(2) الاستدلال:

وهو هنا طلب الدليل على الحكم أو القاعدة النحوية، وهو عمل مستمر، سواء أكان باجترار الأدلة المعتادة فى مسألة معينة، أم كان بتقديم أدلة جديدة فى المسألة نفسها، ويلاحظ هنا أنَّ عملية الاستدلال لا تعنى المجىء بحكم نحوي جديد أو وضع قاعدة لم تكن موجودة من قبل، فإنَّ ذلك من عمل الاستنباط والتقعيد، وإنما المراد هنا الإتيان بالدليل الذى يرفع العالم به عن حضيض التقليد. وإذا كان هذا الاستدلال فى معرض رَدِّ مخالف سُمِّى احتجاجًا وسُمِّى الدليل حُجَّة، وإذا كان الاستدلال بالمنقول سُمِّى استشهادًا [انظر: المدخل لدراسة النحو العربى 1/ 144، 145].

(3) الترجيح بين الآراء المختلفة:

يُعَدُّ الترجيح بين الآراء فى مسائل الخلاف النحوى بناءً على اختبار أدلة كل رأى ـ إلى جانب ما يمكن أن يأتى به المرجح من أدلة ـ غاية عملية مهمة يسعى إليها علم أصول النحو، بما يقدمه لنا من قدرات على معرفة قوة الدليل وضعفه، ومراتب الأدلة، والمقدم منها عند تعارضها.

(4) التوجيه والتخريج للنصوص:

التوجيه هو بيان الوجه أو الأوجه النحوية للتركيب، وكذا الصيغ للمفرادت، وهو يعتمد علىالمعرفة القوية بمسائل النحو، والقدرة على استحضار أحكامها وشروطها؛ بالإضافة إلى مجموعة من القواعد الكلية التى لا تندرج تحت باب بعينه منها ما يتصل اتصالا مباشرًا بأدلة النحو، ومنها ما يقع بين أبواب النحو وأصول النحو.

والتخريج هو الخروج بنصٍّ معين من مصادمة القواعد الأصلية وذلك حتى لا يوصف النص بشذوذ أو خطأ.

ويلاحظ أنَّ هاتين العمليتين ترتبطان بالنصوص وهو ما يجعلها أكثر الوظائف قابلية للاستمرار والتجدد، وتظهران بهذا ما لأصول النحو من دور عملى فى النظر المباشر للنصوص، وهو دور لا تخفى أهميته فى المجالين الدينى والأدبى.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - صلى الله عليه وسلمug-2008, مساء 06:37]ـ

جزيت خيرا

والبيتان المذكوران لابن مالك من الكافية الشافية (أصل الخلاصة الألفية).

ويبدو أنك تريد دراسة أصول النحو دراسة وصفية لا دراسة تأصيلية.

ـ[أبو -الطيب]ــــــــ[04 - صلى الله عليه وسلمug-2008, مساء 01:17]ـ

أخي الكريم أبا مالك هلا أوضحت لي مقصدك بالدراسة الوصفية والدراسة التأصيلية

وجزاك الله خيرا

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[04 - صلى الله عليه وسلمug-2008, مساء 07:42]ـ

المقصود بالدراسة الوصفية ذكر صفات ما هو موجود في كتب هذا الفن، وتعريف الناس بها.

المقصود بالدراسة التاصيلية دراسة مسائل هذا العلم نفسها بناء على استقراء أهل الفن.

يعني مثلا: الدراسة الوصفية لعلم أصول الفقه أن يقال مثلا: القياس عرفه الشافعي بكذا وعرفه فلان بكذا، والحنابلة ضبطوه بكذا، وأهل الأندلس كان لهم عناية به .... إلخ.

والدراسة التأصيلية لعلم أصول الفقه أن يقال: القياس حجة بناء على كذا وكذا، والمخالفون فيه استدلوا بكذا وكذا والرد عليهم من وجه كذا وكذا.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015