فإذا نفينا الفرق لم يصح حينئذ استعمال كلمة (قسّم) إلا على طريقة الرياضيات البحتة.
وتقسيم الكلام إلى (الحقيقة) و (المجاز) هو أصلا من باب رياضة العقول - لا من مباحث علم اللغة (ابتسامة).
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[25 - Jan-2009, مساء 02:44]ـ
نسيت هذا الرد من الشيخ عبد الله:
جزاك الله خيرا وفتح عليّ وعليك.
المشكلة أن فهمي لم يتفق مع قياسك، الذي لازلت أرى بطلانه في ذاته، لسبب مهم وهو أن القضايا اللغوية غير القضايا العقلية، فمثلاً الحقائق الرياضية أو الهندسية سواء صحت أو بطلت، فإنه لا بد من التسليم بالنتيجة النهائية إذا صحت وأمر صحتها شيء يقضي به العقل، لا شيء خارج عنه كما في اللغة حيث نستفيد صحة قضاياها من أشياء خارجة كالعرف اللغوي أو الاستعمال أو السماع، فالقضايا اللغوية لا يقضى فيها بالعقل وحده، وإنما بالاستعمال أو العرف اللغوي أو السماع [1]، ولذلك عندما يتحدثون في مستهل المباحث الأصولية عن أمر الدلالات يفرقون بين الدلالة اللغوية والدلالة العقلية.
أفهم إذاً أن: بطلان التقسيم إلى حقيقة ومجاز كبطلان المقارنة في القضية الهندسية التي طرحت في مشاركة رقم (98) .. أهذا هو التوضيح لما هو واضح؟ الواضح لدي هو بطلان قياسك من أصله، و قولك "لم أكن أضعهما في جنس (المعلوم باضرورة) " لايغني شيئاً لأن نوع القياس الذي جنحت إليه ونوع الوصف الجامع -الذي هو البطلان - لا يصح من الأصل. فأنت تجعل البطلان نفسه علة البطلان، ماهذا القياس الذي العلة فيه هي النتيحة؟ ولا يوجد شيء بهذا الصفة إلا الأمر البدهي الضروري فقط، وهذه هي المشكلة عندك، وهي أن قسمة الحقيقة والمجاز عندك في قوة بطلانها كقوة بطلان من يدعي مشروعية المقارنة بين مثلث رباعي أو ثلاثي الأضلاع. وأين هذا من ذاك.
بسب هذه القناعة انصرف ذهنك عن الصحيح إلى العناية بما هو غلط من أصله، كما نبه أبو مالك العوضي في قوله:
= = = = = = = = = = = = = = = = =
[1] حتى القياس في اللغة لم يستفد تقعيد قواعده إلا من خلال السماع، فالأمر كله - أو جلّه على أقل تقدير - في اللغة مرجعه السماع.
أحسن الله إليكم.
1 - تقسيم الكلام إلى الحقيقة والمجاز في حد ذاته - مظهرا وجوهرا - تقسيم عقلي ذهنى لا تقسيم لغوي سمعي. . فليتأمل.
2 - معذرة على عدم الوضوح. أقول: الجامع الحقيقي في هذا القياس هو "انعدام التمايز بين القسمين". وهذا الجامع يلزمه بطلان التقسيم.
فالأصل: تقسيم المثلث إلى (الثلاثي الأضلاع) وإلى (الرباعي الأضلاع)
وحكم الأصل: البطلان
وعلة الحكم: عدم التميز بين القسمين
والفرع: تقسيم الكلام إلى (الحقيقة) و (المجاز) - بتعاريفهما المشهورة
وحكم الفرع حكم الأصل لاشتراكهما في العلة الجامعة.
ومعلوم أن حكم الأصل في كل قياس صحيح أوضح بكثير من حكم الفرع. فقد يكون الأول ضروريا والثاني لم يزل نظريا، وقد يكون الأول قطعيا والثاني لم يقطع به بعد. وهل استعملنا القياس إلا في هذه الحال؟!
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[25 - Jan-2009, مساء 02:47]ـ
فلبطلان التقسيم إذن: أثر في وجود ثمرة أو عدمها.
هل تقصد خصوص هذا المثال الذي ذكرته؟ أو أي تقسيم في الوجود؟
إن كان الأول فقد نسلمه لك، وإن كان الثاني فلا أظنك تقول به أصلا.
فالحاصل أن بطلان التقسيم حتى وإن كان له أثر في الثمرة، إلا أن كلامنا في (هل يلزم منه عدم وجود الثمرة)؟
فإن كان بطلان التقسيم لا يلزم منه عدم وجود الثمرة، فقد اتفقنا.
وأنا أراك تركز على مسألة التقسيم نفسها وتعيد فيها وتبدي، مع أن كلامنا في الثمرة، فإن كان هناك ثمرة فاذكرها.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[25 - Jan-2009, مساء 02:54]ـ
لا يمكنا - يا شيخي الفاضل - مناقشة هذا الموضوع إلا بتناول مشكلة (تعريف المجاز).
يا شيخنا الفاضل، هذا غير صحيح بالمرة.
بل إن شيخ الإسلام نفسه ذكر في غير موضع أن التعريفات الدقيقة لم تكن من منهج السلف، وأنه يكفي التصور الإجمالي، يعني مثلا: إذا قال لك رجل: (لن أجتنب الحرام حتى تعطيني التفريق الدقيق بينه وبين الحلال بحيث لا يدخل أحدهما في الآخر)، فكلامه واضح البطلان مخالف لإجماع العلماء؛ لأن وجود أشياء مشتبهة بين الحلال والحرام أو أشياء مختلف فيها لا يبيح له أن يستحل المتفق عليه.
فالمقصود أن مناقشة بعض المسائل لا يستلزم وجود الحد الدقيق لما يدخل وما يخرج؛ لأن هذا لا يكاد يوجد كما قال شيخ الإسلام.
لا أريد مناقشة مسألة (المجاز) هنا. لكن كيف يمكننا أن نتصور هوية الطائفتين (المنكرون - المثبتون) بدون أن نحدد تعريف القسمين الذي اعتمد عليه المثبتون في تقسيمهم؟؟؟
سبق الجواب عن هذا.
الذين قسموا الكلام إلى (المستعمال في المعنى الشائع) و (المستعمل في غير المعنى الشائع) ليسوا هم الذين قسموا الكلام إلى (المستعمل في الموضوع) و (مستعمل في غير الموضوع) وإن اشتركوا في تسمية أحد القسمين (حقيقة) والآخر (مجازا). مجرد الاشتراك في التسمية لا يجعلهم "طائفة واحدة". بل قد يكون إحدى الطائفتين مع المنكرين. . . فليتأمل.
أفهم من كلامك هنا أنك تسلم بصحة تقسيم الكلام إلى (شائع وغير شائع)؟
ومنكرو المجاز زعموا أن التقسيم باطل بإطلاق مهما كان الفرق المذكور.
فإذا كان كذلك فقد صح التقسيم أيا كان، وبطل كلامهم.
وليس هذا موضوعنا أساسا، ولكنك ألجأتني إليه، ولذلك فأرجو تجريد الكلام في محل السؤال.
¥