3 - وشيخ الإسلام لم يذكر هذا الأخير إلا لتسجيل ما آل إليه أمر بعض أرباب المجاز المغرورين بالتقسيم. فلم يعده شيخ الإسلام (ثمرة ضرورية) للتقسيم حتى يقال إنها ليست ثمرة لها.

============================== ==============

جميل جدا، إذن فهو خارج عن موضوعنا، فلماذا تذكره؟

بارك الله فيكم.

1 - أولا: قول الشيخ "يفهم ويوهم نقص. . إلخ" هو من باب "سد الذرائع". فلم يقل مثلا: "يقتضي" أو "يستلزم".

وثانيا: ربط الشيخ هذه القضية بمسألة (صحة إطلاق النفي). فمؤدى ذلك: أنهم إن جعلوا مثلا لفظ (الإيمان) حقيقة لمجرد العلم ومطلق التصديق، جاز لهم أن يقولوا: (إبليس مؤمن حقيقة) - والعياذ بالله. وإن جعلوه حقيقة في كمال التصديق والانقياد في القول والعمل، جاز لهم أن يقولوا لمرتكب الصغيرة: (لست مؤمنا!) لصحة إطلاق النفي. وأية مفسدة أكبر من هذا؟؟

2 - لم أفهم ما تقصدون بموافقة المنكرين على هذا؟ ليتكم توضحونه أكثر.

وبخصوص قضية إطلاق النفي، أجد بعض النقول عن السلف قد يحتج بها أصحاب التقسيم:

- قول الحسن عند ابن أبي حاتم في تفسير قوله تعالى {فنسي ولم نجد له عزما}: ترك ما قدم إليه ولو كان منه نسيان ما كان عليه شيء؛ لأن الله قد وضع عن المؤمنين النسيان والخطأ، ولكن آدم ترك ما قدم إليه من أكل الشجرة.

- قول الفراء عند تفسيره قول الله تعالى {جدارا يريد أن ينقض}: ومثله قول الله {ولما سكت عن موسى الغضب}، والغضب لا يسكت. إنما يسكت صاحبه. وإنما معناه: سكن.

- قول أبي عبيدة في الآية نفسها: وليس للحائط أرادة ولا للموت.

لكن محل المنفي غير محل المثبت. فلم يقدروا أن يقولو مثلا: (فلم ينس آدم)، أو: (الجدار لا يريد أن ينقض)، أو: (لم يسكت الغضب عن موسى)، فإن القوم أعقل من أن يتفوهوا بمثل هذا الكلام الفاسد المخالف للقرآن.

3 - الاضطراب في ضابط التقسيم فتح لهم هذا الباب من التوسع في المجازات، كما أن الاضطراب في ضابط ترجيح العقل على النقل فتح لأساطين المتكلمين بابا للتوسع في التأويل وتحريف الكلم عن مواضعه. إذ ليس هناك قانونا مستقيما في معارضة العقل للنقل، فيؤدي ذلك إلى أن يسمح لكل أحد أن يعارض بعقل نفسه جميع ما لا يروق لهواه من النصوص الشرعية الصحيحة - من غير أن يكون هناك حكم فاصل يحكمهم، إذ يسلم كل منهم أصلا فاسدا في الزعم بإمكان التعارض بينهما في نفس الأمر.

وانعدام الطريق السليمة للتعرف على (حقيقة المعنى) للفظ عند "التجرد" إضافة إلى عدم قانون مستقيم في التمييز بين (الحقيقة) و (المجاز) = أدى كذلك إلى أن ادعى قوم أن لفظا ما حقيقة في هذا المعنى مجاز في غيره، وادعى الآخرون العكس - وليس هناك حكم يفصل بين الفريقين بسبب تسليم كل منهما لذلك التقسيم المعوج. ثم ادعى قوم صحة إطلاق هذا النفي وادعى غيرهم العكس من غير فاصل، فتتكافأ الأدلة ويختلط الحق بالباطل.

وأكرر هنا ما قلته في الأول أن هذا التقسيم نفسه: ثمرة عملية. وقد وصفه ابن تيمية بالبدعة في الشرع والمخالفة للعقل.

هذا يا شيخنا ما رأى أخوكم الفقير. وأنتم أهل للتعقيب المفيد والنقد السديد. فلا تبخل علينا بالفوائد. . وأعتذر عن التأخر في الرد وعن عدم إمكانيتي للتواصل عن طريق مسنجر. فأنا كنت مشغولا بالأمور الطارئة - يسرني الله تعالى وإياكم.

ودمتم / للمحب.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[18 - Jan-2009, صباحاً 06:46]ـ

الذي أفهمه من خلاصة كلامكم يا شيخ نضال أنه لا توجد ثمرة، فما الخلاف بيننا؟

وأنا لا أطلب منك أن تنقل لي كلام شيخ الإسلام أو غيره فهو معروف، وإنما أطلب منك أن تأتيني أنت بالثمرة.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[18 - Jan-2009, مساء 12:58]ـ

كنت أريد أن أقول: (التقسيم نفسه لا يصح، فكيف يثمر الخلاف فيه؟)

وهذا هو الخطأ الذي أشرتُ إليه يا شيخنا الفاضل

فكون التقسيم خطأ ليس له علاقة بثمرة الخلاف فيه

فقد يكون التقسيم خطأ ويكون له ثمرة، وقد يكون التقسيم خطأ وليس له ثمرة.

وقد يكون التقسيم صحيحا وله ثمرة، وقد يكون التقسيم صحيحا وليس له ثمرة.

فالاحتمالات كلها موجودة.

مثال التقسيم الخاطئ الذي له ثمرة تقسيم الشيعة الصحابة إلى مؤمنين وكافرين.

ومثله أيضا تقسيم النصوص الشرعية إلى نصوص توافق العقل ونصوص تخالف العقل.

ومثال التقسيم الخاطئ الذي ليس له ثمرة تقسيم الكلمات العربية إلى كلمات مأخوذة من اللغة الصينية وكلمات غير مأخوذة من اللغة الصينية.

ومثال التقسيم الصحيح الذي ليس له ثمرة تقسيم الأحاديث إلى ما رواه أحد العشرة وما رواه غير العشرة، ومثله أيضا: تقسيم الآيات إلى حضرية وسفرية، أو إلى صيفية وشتائية، أو إلى ليلية ونهارية.

وأما مثال التقسيم الصحيح الذي له ثمرة فهذا كثير.

فالمقصود أن وجود ثمرة للخلاف ليس له علاقة بكون التقسيم صحيحا أو غير صحيح.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015