وأما بيت سحيم الذي أورده المعري فقد اطلعت عليه بلفظ آخر، وهو:

رَأَيتُ الغَنيَّ والفَقيرَ كِلَيهِما إِلى المَوتِ يأَتي مِنهُما المَوتُ مَعمِدا

واحتمال ألفاظ البيت لمثل هذا لا يُعَضِّد تأييد استعمال لفظة: (الكل) التي افتُقِدت في كلام العرب الأقحاح، ثم إن استعمال الشاعر للفظتي (الغني والفقير) لا يؤيد عودة لفظة (الكل) إليها لأنها لتأكيد معنى الجمع الذي تٌوهِّم فيه عدم الشمول لا معنى المثنى، فتأمل ذلك يرحمك الله

وأما بيت عمرو بن الأهتم فقد ورد في أبيات ذُكرت في الحماسة البصرية، ومَن تأملها بان له أن معنى البيت الأخير منها هو: أن مقاطعة (الكَلِّ) وهو الرجل الثقيل الذي لا يُعاشَر أهون حوادث الدهر؛ لأنّ الله جعل في الأرض للمرء الجلد مذاهب أخر تغنيه عن ذلك الصاحب الذي لم يعد يروم وده، وهذا كقول الشنفرى:

وَفي الأَرضِ مَنأى لِلكَريمِ عَنِ الأَذى وَفيها لِمَن خافَ القِلى مُتَعَزَّلُ

لَعَمرُكَ ما في الأَرضِ ضيقٌ عَلى اِمرئٍ سَرى راغِباً أَو راهِباً وَهوَ يَعقِلُ

وإلا فمن يستطيع مقاطعة كل الناس فالإنسان مجبول على الأنس بغيره، وإليك الأبيات الدالة على ما بدا لي ـ والله تعالى أعلم ـ

أَلَمْ تَرَ ما بَيْنِي وَبَيْنَ ابنِ عامِرٍ مِن الوُدِّ قد بالَتْ عليه الثَّعالِبُ

وَأَصْبَحَ باقِي الوُدِّ بَيْنِي وبَيْنَهُ كأَنْ لَمْ يَكُنْ، والدَّهْرُ فِيه العَجائِبُ

فقلتُ: تَعَلَّمْ أَنَّ وَصْلَكَ جاهِداً وهَجْرُكَ عِنْدِي شِقُّهُ مُتَقَارِبُ

فما أنا بالباكِي عليكَ صَبابَةً ولا بالذي تَأْتِيكَ مِنِّي المَثالِبُ

إذا المرءُ لم يُحْبِبْكَ إلاّ تكَرُّهاً بَدا لك مِن أَخْلاقِهِ ما يُغالِبُ

فدَعْهُ، وصَرْمُ الكَلِّ أَهْوَنُ حادِثٍ وفي الأرضِ للمَرْءِ الجَلِيدِ مَذاهِبُ

ثم إن اللغة مراتب: أعلاها ما كان في أعلى درجات الفصاحة والبلاغة، ودون ذلك مراتب بعضها دون بعض إلى أن تصل إلى عامية العامية، ولا أظن عاقلا يقول إن مخالفة الشائع من كلام العرب من باب الأفصح، وطالب العلم يروم بعلمه الرتب العليا

والله تعالى أعلى وأعلم.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - Jun-2007, مساء 08:48]ـ

ثم إن اللغة مراتب: أعلاها ما كان في أعلى درجات الفصاحة والبلاغة، ودون ذلك مراتب بعضها دون بعض إلى أن تصل إلى عامية العامية، ولا أظن عاقلا يقول إن مخالفة الشائع من كلام العرب من باب الأفصح، وطالب العلم يروم بعلمه الرتب العليا

والله تعالى أعلى وأعلم.

عليك أن تحرر محل النقاش، فالكلام هنا عن (الجواز) وليس عن (الفصاحة)، فتأمل!

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - Jun-2007, مساء 08:49]ـ

أما بعد فقد ذكرت يا أبا مالك

لا أدري أتقصد (ذكرتَ) أم (ذكرتُ)

ولكن سياق كلامك يشير إلى أنك تقصدني، مع أني لم أذكر ذلك!!

ـ[حامد الأنصاري]ــــــــ[16 - Jun-2007, مساء 09:08]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا أبا مالك ألست القائل فيما تقدم ذكره:

واعلم أن الجمهور خالفوا الأصمعي في هذه المسألة بخلاف مسألة (غير). في إدخال (أل) على (كل)، والبيتان اللذان أوردتهما شاهدا على جواز ذلك رويابعدة ألفاظ، وهي محتملة لما ذكرته آنفا، ومن ثم يضعف الاستدلال بها في مثل هذا المقام.

والله أعلم

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - Jun-2007, مساء 09:12]ـ

هل قولي (الجمهور خالفوا الأصمعي) يساوي (تفرد بذلك الأصمعي)؟!!

وهل لديك شك في أن الجمهور خالفوا الأصمعي في ذلك؟! وماذا تفهم من قول أبي منصور الأزهري الذي تفضلتَ بنقله؟

ـ[حامد الأنصاري]ــــــــ[17 - Jun-2007, مساء 10:06]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا لك ... بارك الله فيك ... على التواصل يا أبا مالك

أما قولك: هل قولي (الجمهور خالفوا الأصمعي) يساوي (تفرد بذلك الأصمعي) طبعا لا، ولكن تشم منه رائحة القول بأن الجماهير قالوا بجواز الأمر

وأما قولك:وهل لديك شك في أن الجمهور خالفوا الأصمعي في ذلك؟! لدي شك لأن جمهور مصنفي النحو وإن أدخل بعضهم اللام على كل في عباراتهم لكنهم لم يصرحوا بجوازه؛ لاحتياج الأمر إلى أدلة تقويه عمن يُحتج به من العرب

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015