لماذا لا يدرس الطالب النحو الكوفي أو البصري أول طريق الطلب، ثم إذا أتقن النحو على أحد المذهبين، ترك وما يختار حتى لا يتشتت منذ اللحظة الأولى؟

الجواب:

أولا: معظم مسائل الخلاف بين المذهبين مسائل نظرية لا ينبني عليها عمل، ولو تصفحت مثلا كتاب الإنصاف لأبي البركات الأنباري لوجدته ذكر نحو مائة وعشرين مسألة، لا تكاد تجد إلا عشرها فقط مما ينبني عليه عمل، والباقي خلاف نظري، مثل: رافع المبتدأ هل هو الابتداء أو الخبر؟ خبر إن مرفوع بالأصالة أو بـ (إن)؟ اسم كان مرفوع بالأصالة أو بـ (كان)؟ وهكذا.

ثانيا: معظم علماء النحو ينحو منحى البصريين، وقد يأخذ من أقوال الكوفيين، ولكن يكون الغالب عليه النهج البصري، فلن تجد أصلا في أهل العلم حاليا من يدرسك النحو الكوفي وحده ومن يدرسك النحو البصري وحده.

ثالثا: الخلاف بين المذهبين ليس بكبير بالنظر إلى كلام العرب، وأصول اللغة في معظمها من المتفق عليه، ولذلك فإن طالب العلم يمكنه أن يكتفي بمسائل الوفاق، والمشهور من مسائل الخلاف.

بوركت أبا مالك ..

للمناسبة , فقد ذكر الزيات في تاريخه ما نستطيع أن ندخله ضمن الأسباب:

((ولم يشتغل به [أي النحو] الكوفيون إلا بعد ذيوعه بالبصرة وما جاورها , أخذوه عن البصريين وجاروهم في تلقينه وتدوينه , ونافسوهم في تحصيله وتفصيله. واشتدّ الحجاج واللجاج بين الفريقين حتى كان لكل منهما مذهبٌ يؤيده ويعضده , ومنشأ الخلاف بينهما أن البصريين يقدمون السماع: فلا يرون القياس إلا في حال تضطرهم , ويتشددون في الرواية , فلا يأخذون إلا عن الفصحاء الخُلّص من صميم العرب لكثرة هؤلاء بالبصرة , وقربها من عامر البادية.

أما الكوفيون فلخلاطهم أهل السواد والنبط يعتمدون في أكثر المسائل على القياس , ولا يتحرجون في الأخذ عن أعراب لا يؤمن البصريون بفصاحة لغتهم.

فأهل البصرة أوسع دراية , وأوثق رواية , ولكن العباسيين آثروا الكوفيين عليهم لالتجائهم إليهم , ولقرب الكوفة من بغداد وتشيعهم لبني هاشم. فانتشر مذهبهم في حاضرة الخلافة , ولولا الغرض السياسي ما كان لهم شأن يذكر ولا قول يؤثر. وظل الجدل بين الفريقين على أشده حتى تخرب المصران , فجلا علماؤهم إلى بغداد , ونشأ مذهب البغداديين خليطاً من المذهبين , كما نشأ مذهب الأندلسيين حينما عبر النحو إلى الأندلس.

وما ابتدأ القرن الرابع حتى انقرضت فرسان المذهبين , وضعفت أنصار الفئتين , فانقطع النزاع , وانحسم الجدال , وجرى المؤلفون على المذهب البصري فبسطوه وشرحوه , واقتصروا من المذهب الكوفي على ذكر الخلاف)).

[تاريخ الأدب العربي , الطبعة العاشرة , دار المعرفة , 267]

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[18 - صلى الله عليه وسلمug-2009, مساء 04:04]ـ

وفيك بارك الله يا أخي الكريم

ولكن أحب أن أنبه أن هذا الكلام فيه أخطاء واضحة، ولكنها ليست بمستغربة؛ لأنها تمثل اتجاها سائرا شائعا عند المعاصرين مع وضوح خطئه.

وأمثال الزيات من متقدمي هذا العصر قد يكون لهم عذر في مثل هذا لقلة المصادر المتاحة، بخلاف ما عليه الحال الآن.

ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[18 - صلى الله عليه وسلمug-2009, مساء 04:07]ـ

إذن؛ لو توضح لنا الأخطاء التي فيه.

وتذكر لنا من نثق في صحة خبره , وتاريخه.

أسأل الله أن يبارك فيك.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[18 - صلى الله عليه وسلمug-2009, مساء 04:16]ـ

أولا: التعميمات غير المنضبطة؛ مثل أن البصريين يقدمون السماع.

ثانيا: الاتهامات المتسرعة؛ مثل أن الكوفيين متشيعون لبني هاشم.

ثالثا: التهويل الزائد؛ مثل أن الخلاف بين الفريقين كان على أشده.

ونحو ذلك.

وأما الثقة في صحة الأخبار، فلاحظ أن الزيات لم يذكر أخبارا أصلا، وإنما ذكر رأيه الذي استنتجه من ملاحظة الأحداث، أو أنه قلد فيه غيره، لا يهم، المهم أن هذا رأي وليس نقلا للأخبار.

وقد كان البصريون يأخذون عن قلة من الكوفيين، وكان الكوفيون يأخذون عن البصريين، كما أنك لا بد واجد من أعلام الفريقين من يوافق الفريق الآخر في بعض المسائل.

فالتهويل والتعميم والتسرع في مثل هذه المسائل الكبار هو الذي يؤدي إلى نتائج خاطئة.

ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[18 - صلى الله عليه وسلمug-2009, مساء 04:34]ـ

بوركت إضافتك.

ومن هم الذين نثق في "آرائهم" إذن؟ ..

وبمَ تنصح قارئ تاريخ الأدب واللغة؟ ..

وأي المصادر تفضل؟ ..

أثقلنا عليك فعذراً.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015