(( .... وأنت تحس هذا من نفسك إذا تأملته، وهو أن يكون في مدح إنسان والثناء عليه فتقول: كان والله رجلا، أي رجلا فاضلا، أو شجاعا أو كريما، أو ما جرى هذا المجرى من الصفات، وكذلك تقول: سألناه فوجدناه إنسانا، أي إنسانا سمحا أو جوادًا، أو ما أشبهه، فعلى هذا ونحوه تحذف الصفة، فأما إن عريت عن الدلالة عليها من اللفظ أو الحال فإن حذفها لا يجوز))
فالعبرة بما دل عليه سياق الكلام من الدلالة على الصفة المحذوفة، وسياق الكلام المعاصر في مثل العبارة التي نقلها شيخنا المسيطير يدل على أن المراد (الرحيم) أو (الرؤوف) أو (العطوف) أو نحو ذلك.
المقصود أن أصل الكلام: (إنسان رحيم) (إنسان رءوف) ... إلخ، ثم كثر الاستعمال حتى صار ذكر (الإنسان) كافيا في بيان الصفة؛ إذ المراد أشهر الصفات وأسرعها ورودا إلى الذهن عند ذكر الإنسان.
كما نقول: (فلان الرجل)، فليس المراد الوصف بالذكورة، وإنما المقصود الوصف بأخص صفات الرجل وهي النجدة والشجاعة ونحو ذلك.
وكما نقول: (فلان الحر)، فليس المراد أنه ليس عبدا، وإنما المقصود الوصف بأخص صفات الحر، وهي الأنفة والمروءة والتنزه عن السفاسف، ونحو ذلك.
فكذلك نقول: (فلان الإنسان)، فليس المراد التحرز من كونه حيوانا!! لأن هذا مفهوم بداهة أو هو تحصيل للحاصل، وإنما المراد أخص صفات الإنسان، وهذه الصفات قد تختلف من عصر لعصر، وقد شاع في عصرنا أن المراد من ذلك الرحمة والسماحة ونحو ذلك.
وكذلك في النفي، نقول: (فلان ليس بإنسان)، أي هو فاقد للصفات المستحسنة في الإنسان من نحو العقل والرحمة ونحو ذلك.
ونقول: (هذا ليس بشيء)، أي ليس بشيء ذي قيمة، أو ليس بشيء جيد، أو غير ذلك مما يدل عليه السياق، وليس المراد - كما هو واضح - أنه ليس بشيء مطلقا.
والله تعالى أعلمومثله وقرينه المدح للجماعة بكونهم: ناسا
كما قال تعالى:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ}
فالمعنى كما آمن الناس الكاملون.
وإلا فلفظ الناس قد يرد ويراد به غير المسلمين:
{الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم}
ولم أذكر الآية السابقة للتي أوردتها في سورة البقرة لما فيها من معنى التبعيض {ومن الناس من يقول} فلا يتحقق فيها شرط الإطلاق
وهذه المعاني ما زالت مستخدمة حتى في لغة العامة.
فيقولون: كُلْ زي الناس، اقعد زي الناس، امشِ زي الناس.
والمقصود الكاملين أو العاقلين أو غير ذلك من صفات المدح
والله الموفق.
ـ[عيد فهمي]ــــــــ[25 - عز وجلec-2007, مساء 11:56]ـ
السؤال:
هل يجوز أن يتسمى الذكور بـ (تيمية)، أو هي مؤنثة لدخول تاء التأنيث عليها؟
الجواب:
الأصل في دخول التاء على الاسم أن تكون للتفريق بين المذكر والمؤنث، وخصوصا في المنسوب، و (تَيْم) قبيلة، والنسب إليها (تيمي) في المذكر و (تيمية) في المؤنث، وهو قياس مطرد في القياس للأماكن والبلدان كـ (مغربي) و (سعودي) و (مصري) ... إلخ. ولا يقال (مغربية) ولا (سعودية) ولا (مصرية) ويراد بها المذكر فيما أعلم. هذا الجواب غير موافق للسؤال.
فالسؤال عن (تيميَة) بتخفيف المثناة التحتانية وهو المشهور، والجواب عن (تيميّة) بياء النسبة.
فهل عندكم ما يمنع تسمية المذكر بالأول؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[25 - عز وجلec-2007, مساء 11:58]ـ
من قال إن السؤال وقع عن (تيمية) بالتخفيف؟
ومن قال إنه هو المشهور؟ بل من قال إنه جائز أصلا؟
شيخ الإسلام (ابن تيميّة) بالتشديد
ـ[عيد فهمي]ــــــــ[26 - عز وجلec-2007, صباحاً 12:13]ـ
سألته عن اسم تيمية ما معناه، فقال: حج أبي أو جدي، انا أشك أيهما، قال: وكانت امرأته حاملا، فلما كان بتيماء رأى جويرية قد خرجت من خباء، فلما رجع إلى حران وجد امرأته قد وضعت جارية، فلما رفعوها إليه قال: ياتيمية، ياتيمية، يعني أنها تشبه التي رآها بتيماء، فسمي بها، أو كلاما هذا معناه.
وتيماء: بفتح التاء المثناة من فوقها وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الميم وبعدها همزة ممدودة، وهي بليدة في بادية تبوك إذا خرج الإنسان من خيبر إلها تكون على منتصف طريق الشام، وتيمية منسوبة إلى هذه البليدة، وكان ينبغي أن تكون تيماوية، لأن النسبة إلى تيماء تيماوي، لكنه هكذا قال واشتهر كما قال. أنا لم أقصد الصواب من الخطأ وإنما قصدتُ ما هو مشهور وهو واضح في كلامي.
وما زال السؤال قائما:
هل لديكم ما يمنع من تسمي الذكر بما هو مشهور على الألسنة؟
ـ[عيد فهمي]ــــــــ[26 - عز وجلec-2007, صباحاً 12:21]ـ
ومن قال إنه هو المشهور؟ بل من قال إنه جائز أصلا؟ وفقك الله يا شيخنا، أتنكر أن هذا الخطأ هو المشهور؟ وأما جوازه فيكون من باب الأسماء المرتجلة وهو كثير ولا قياس فيه ولا قاعدة.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[26 - عز وجلec-2007, صباحاً 12:36]ـ
أحسن الله إليك شيخنا الفاضل
إن كنت تسلم بأنه خطأ من العامة، فلا يمكن أن يكون هذا من باب العلم المرتجل؛ لأن الخطأ المقصود ليس في أن يسمي الرجل ابنه (تيميَة) بالتخفيف، فهذا هو الذي قد يقال عنه (علم مرتجل).
وإنما الخطأ في أنهم يطلقون هذا الاسم على علم معين، ففي هذه الحالة يكون خطأ من أخطاء العوام في نسبة أهل العلم، وليس من الأعلام المرتجلة، كما يقولون (أبو نَعِيم) و (سُفَيْنَة) و (لُبَيْد) وغير ذلك من أخطائهم في أسماء الأعلام.
أرجو أن أكون وفقت في توضيح الفرق.
ثم إن تسمية الرجال بالأسماء المختصة بالإناث غير ممنوعة أصلا، وإنما السؤال وقع عن هذا الاسم هل هو موضوع للذكور أو الإناث، هذا ما فهمته من السؤال، بناء على الشق الثاني منه، فتأمل.
وأما تسمية الذكور بأسماء الإناث وتسمية الإناث بأسماء الذكور فليس ممنوعا لغة ولا نحوًا، بل هو شائع كثير في تمثيل النحويين، يقولون: ماذا لو سمينا رجلا بـ (أسماء) و (زينب)، وماذا لو سمينا الأنثى باسم (زيد) و (عمرو)؟
قال ابن مالك:
فوق الثلاث أو كجُور أو سقر ............ أو (زيد) اسم امرأة لا اسم ذكر
فهذا لم يقع السؤال عنه فيما أحسب، وإنما وقع عن أصل الاسم أهو مما وضع للذكور أو للإناث.
والله أعلم
¥