فإن كان الأول فهو نتيجة صحيحة مبنية على مقدمات صحيحة، ومع ذلك فلا يتوقف إدراك الشيء أو تصوره عليها؛ لأن الذي استخرج الحد بدقيق فكره تصور المحدود قبل أن يضع الحد، والفائدة التي حصل عليها من بعده هي تيسير الأمر عليهم بدلا من كد الذهن في استخراج ما استخرجوه.
وإن كان الثاني فهو خاص بمن وضعه لا يلزم غيره، ولا يتوقف عليه تصور شيء من الأشياء.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - Mar-2007, مساء 10:24]ـ
ولكي يكون نقاشنا عمليا مفيدا فالأفضل أن تذكر لنا أخي الكريم شيئا يتوقف تصوره على معرفة الحد ثم نتناقش فيه.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[13 - Mar-2007, صباحاً 01:48]ـ
أخي الكريم
أنا لا أنازعك في فوائد التعريفات والحدود، ولكن أنازعك في أنها هل تفيد شيئا جديدا؟
فمن المستحيل أن يفيدك تعريف المحدود شيئا لم تكن تعرفه؛ لأن تعريفك له مبني أصلا على معرفتك به، فإذا أفادك الحد شيئا لم تكن تعرفه أدى ذلك إلى تأثير النتيجة في السبب، أو المعلول في علته، وهو محال.
أخي الكريم مالك ...
أقول لك: هذا هو محل النزاع! وهو: هل تفيد التعريفات والحدود معرفة جديدة أم لا؟
خلاصة كلامك مبنية على أن التصوات كلها ضرورية، فلا يفيد التعريف معرفة كانت مفقودة .. وهذا خلاف التحقيق قطعا! ومعلوم أن الذي أيد هذا الرأي هو الفخر الرازي حيث استدل على ذلك بأن المطلوب معرفته بالتعريف إما مشعور به فطلبه تحصيل للحاصل، وإما غير مشعور به فالتوجه لطلبه متعذر، ومعلوم أنه رجع في "المعالم الدينية" مثلا عن ذلك واقتفى أثر التحقيق وهو أن الشيء يمكن أن يكون مشعورا به من وجه دون وجه، فيكون القول الشارح أو المعرف بغض النظر عن درجته من حد تام أو ناقص إلخ كاشفا عن باقي الوجوه أو بعضها، فتكون الأحكام المبنية على تمام التصورات أصح .. ولا نزاع في ذلك.
والعجيب أنك أخي الكريم تستعمل في ردودك علي مصطلحات ليست معرفتها بديهية قطعا، كما أن حصولها في الأذهان صعب إلا بتعريفها تعريفا صحيحا، وإذا خضت في تعريفها لتبين للقارئ مرادك باستعمالها فلن تستطيع إلى ذلك سبيلا إلا بسلوك قسم من أقسام التعريفات، فأين المفر من التدقيق في التعريفات؟؟
فقد ذكرت:
- الدور.
-التسلسل.
- العلة.
- المعلول.
وغيرها ...
وإذا قلنا بأن معاني هذه المصطلحات حاصلة بديهة في الأذهان فقد نكون جانبنا الصواب بلا شك ... وأنت خبير بأن التسلسل مثلا اختلف فيه الناس بين مجوز له وبين محيل، ولو كان حصوله بديهي في العقل أو متوقف فقط على تعريف لفظي تنبيهي على معرفته لما اختلف في حكمه .. وقس على ذلك من الأمثلة الكثير ..
فنعود ونقول: إن الحكم فرع عن التصور، والتصوات منقسمة إلى بديهية ضرورية تحصل في النفس بلا سبب من نظر أو غيره، ومنها ما يحصل بمجرد الالتفات بتنبيه بلفظ مشهور أو غيره، ومنها ما يكتسب معرفتها بببحث عن ذاتياتها وفصولها وخواصها وترتيبها على نحو يجلي المتصور في الذهن ليكون الحكم عليه بسلب أو إيجاب أو نفي أو إثبات أو غير ذلك من الأحكام مطابقا للواقع ..
ملاحظة: لماذا التركيز في مداخلاتك على مصطلح الحد؟ مع أن الحدود بالمفهوم الاصطلاحي وهو جمع سائر ذاتيات المحدود وتحصيل كامل حقيقته في الذهن يكاد يكون متعذرا، والأحكام غير متوقفة عليها فضلا عن تطبيق الأحكام الشرعية! ثم لم أسمع بمن قال بذلك - وهو توقيف تطبيق الأحكام الشرعية على معرفة "الحدود! "، فمن قال بذلك؟؟!!
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[13 - Mar-2007, صباحاً 08:32]ـ
أخي الكريم مالك ...
أقول لك: هذا هو محل النزاع! وهو: هل تفيد التعريفات والحدود معرفة جديدة أم لا؟
خلاصة كلامك مبنية على أن التصوات كلها ضرورية، فلا يفيد التعريف معرفة كانت مفقودة .. وهذا خلاف التحقيق قطعا!
أخي الفاضل، أشعر أننا قد اقتربنا من نقطة توافق إن شاء الله تعالى
وأنا لم أقل مطلقا إن التصورات كلها ضرورية، فهذا عند النظر لا يمكن أن يستقيم على ساق، وإلا كان الناس جميعا مستوين في التصور، وهذا لا يقوله عاقل.
ولكن الذي أقوله: إن التصورات الموضوعة قد تفيد شيئا لغير من وضعها، ولكن هذا الشيء يُعلم تقليدا حتى يقف سامعه على الدليل الذي استند إليه واضعه فيه.
أما أن يكون الحد أو التصور نفسه دليلا على حجية شيء ما، فهذا هو ما أنازعك فيه.
فأنا لا أنازعك في أن وضع العالم لتعريف معين أو حد معين لشيء معين مفيد لطلبة العلم في ذلك بأن ييسر عليهم تصور هذا الشيء الذي أتعب العالم فكره فيه حتى وضع لهم حده أو تعريفه.
ولكن ما أنازعك فيه هو في كون هذا التعريف أو الحد يمكن الاستناد إليه في الاستدلال على مسألة خلافية؛ فالمقصود أن الحد أو التعريف يستدل عليه لا يستدل به، فهذه هي النقطة التي أناقشك فيها.