وأما التعريف الذي ذكرته للعلم فعليه اعتراض، وهو أن قولك (المذكور) إشارة إلى شيء مجهول، وهذا في الحقيقة هرب واضح من ذكر كلمة (المعلوم) بدل (المذكور)، ولكن هذا الهرب لا ينفعك شيئا؛ لأن هذا هو المعنى المقصود من التعريف الذي ذكرته، ولا شك أن هذا التعريف عليه اعتراض واضح وهو الإشارة إلى المعرف في داخل التعريف، فكأنك عرفت العلم بالاستناد إلى (المعلوم)، مع أن (المعلوم) لا بد في تعريفه من ذكر (العلم)، ولا شك أن هذا دور، والدور باطل.
والمقصود يا أخي الكريم أن هذه الحدود والتعريفات ليست أدلة، وإنما هي تحتاج لأدلة، فإن كان الاستناد إلى هذه الأدلة فبها ونعمت، وإن كان الاستناد إلى التعريف نفسه فكيف يصح الاستناد إلى دليل إن كان هو نفسه محتاجا لدليل؟
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[12 - Mar-2007, مساء 09:18]ـ
جميل هذا التباحث، ولكم أرهق طلبة العلم مثل هذه المواضيع التي لا تعود عليهم بالنفع والفائدة، بل هي مضيعة للعمر، أن يقضي سني بحثه وطلبه وجده في تحرير المصطلحات، ثم لا يجد من وراء ذلك فائدة كبيرة.
أخي أبو حماد، رضي الله عنه،
الحكم على الشيء ردا أو قبولا، فرع عن كونه معقولا. فصحة الأحكام التي طولبنا شرعا بإسنادها إلى موضوعاتها مترتب على دقة تصورنا للمحكوم عليه والمحكوم به،
فهل تعرف طريقا لتحصيل تلك المدراكات التصورية - بعد تحصيل بعضها بالعلوم الضرورية - غير التعريفات التي ترسم المعاني في القلوب؟؟
أخي أبو مالك، رضي الله عنه
كلامك يفتح مجالا للبحث الطويل ..
سأبدأ بدفع ما أوردته على تعريف العلم،
وقبل ذلك أظنك - والله أعلم - لست في حاجة للتذكير بأن الغرض من التعريفات بجميع أنواعها من الحدود التامة والناقصة والرسوم التامة والناقصة وغيرها إدراك المسميات بقدر الطاقة البشرية، فتماما كما لم يكلفنا الله تعالى بما لا طاقة لنا به من إدراك الحقائق الإلهية لم يكلفنا بإدراك جميع الحقائق الوجودية، وبأن المعارف الإنسانية منها ضرورية توجد اضطرارا فينا، ومنها نظرية تدرك بالفكر، ولا أظنك - والله أعلم - تخالف في ذلك، ومن المعلوم أيضا أن الإدراكات النظرية لها مبادئ يُنطلق منها لإدراكها وهي العلوم الضرورية، ولا يخفى عليك - إن شاء الله - أن التصورات منقسمة إلى تصورات ضرورية حاصلة في قلوبنا اضطرارا، وإلى تصورات نظرية تدرك عادة بالتعريفات بحسب الطاقة، وعليه فالبحث في التعريفات لتحصيل التصورات النظرية أمر لا مفر منه إذا أردنا تحصيل المعارف، واشدد عضدك بهذه الدقائق فسنحتاجها لدفع شبهة الدور التي أوردتها يا أخي الفاضل ...
فقولك: (المذكور) إشارة إلى شيء مجهول. إلخ
أقول: التعريف الذي ذكرتُه قد جلب فوائد زائدة على مجرد العلم الذي يعتبر ضروري الإدراك، فنحن انطلقنا من لفظ العلم الذي مسماه حاصل ضرورة في القلوب لنحصل به معارف أخرى، منها أنه صفة وجودية، ومنها أنه يقوم بالذات العالمة، ومنها أنه يكشف ويجلي كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه، واختيار لفظ المذكور عدول عن لفظ المعلوم لاستبعاد إيهام الدور، وإلا فالدور منكسر لكون جزء المعرف - بالفتح - هنا - وهو إدراك مسمى العلم بديهة - حاصل في القلب ضرورة، والمذكور يتناول الموجود والمعدوم والكلي و الجزئي والمفرد والمركب والواجب والممكن والمستحيل ... فناسب إيراده في التعريف،
والحاصل أن الدور غير وارد إلا إذا توقف إداك جميع حقائق المعرف - بالفتح - على المعرف - بالكسر -، وهذا غير لازم هنا لأن بعض حقائق المعرف - بالفتح - مدركة بالضرورة فانكسر الدور، وصار المعرف - بالكسر - محصلا لحقائق أخرى متعلقة بالمعرف - بالفتح - المدرك ضرورة .. فتأمل وتفكر:)
وذيل المبحث طويل .. ونيله ليس بالقليل
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - Mar-2007, مساء 09:39]ـ
أخي الكريم
أنا لا أنازعك في فوائد التعريفات والحدود، ولكن أنازعك في أنها هل تفيد شيئا جديدا؟
فمن المستحيل أن يفيدك تعريف المحدود شيئا لم تكن تعرفه؛ لأن تعريفك له مبني أصلا على معرفتك به، فإذا أفادك الحد شيئا لم تكن تعرفه أدى ذلك إلى تأثير النتيجة في السبب، أو المعلول في علته، وهو محال.
¥