ومسألتنا هنا في عيد الأولمبياد ليست في زمان العيد أو مكانه، بل هو العيد عينه على أصل تسميته وما يجري فيه من أعمال، كإشعال الشعلة الأولمبية، وهي شعار العيد، وهو زمانه أيضا؛ لأنّه عند اليونان يقام كل أربع سنوات، وكذلك هو الآن يقام كل أربع سنوات؛ فهو عيد بأصله وتسميته وأعماله وزمانه فالاشتراك فيه اشتراك في عيد وثني ثم نصراني، وطلب تنظيم تلك الألعاب الأولمبية في بلاد المسلمين هو نقل لذلك العيد الوثني إلى بلاد المسلمين.

ثالثا: الأيام والأسابيع التي ابتدعها الكفار وهي على قسمين:

1 - ما كان له أصل ديني عندهم ثم تحول إلى عادة يرتبط بها مصلحة دنيوية وذلك مثل عيد العمال الذي أحدثه عباد الشجر، ثم صار عيدا وثنيا عند الرومان، ثم انتقل إلى الفرنسيين وارتبط بالكنيسة إلى أن جاءت الاشتراكية فنادت به وأصبح عالميا ورسميا حتى في كثير من الدول الإسلامية، فلا شك في حرمة اتخاذه عيدا وتعطيل الأعمال فيه لما يلي:

أ- كونه عيدا دينيا وثنيا في أصل نشأته.

ب- ثبوته في يوم من السنة معلوم وهو الأول من مايو.

ج - علة التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم.

2 - أن لا يكون له أصل ديني، كيوم الصحة العالمي ويوم مكافحة المخدرات، ويوم محو الأمية، ونحوها من الأيام والأسابيع المحدثة؛ فلا يخلو حينئذ من أحد حالين:

أ- أن يكون يوما أو أسبوعا ثابتا معلوما من السنة للعالم كله، يعود إذا عاد ذلك اليوم بعينه وذلك كعيد البنوك وما شابهه من الأيام الثابتة وهذا فيه علتان:

- كونه ثابتا يعود كلما عاد ذلك اليوم بعينه.

- علة التشبه بالكفار حيث هو من إحداثهم.

وهل يتسامح في الأيام التنظيمية العالمية التي فيها خير للإنسانية كلها، ولا مفر للمسلمين من مشاركة العالم فيها إذ لهم مصالح تفوت بعدم المشاركة كيوم الصحة العالمي ويوم مكافحة المخدرات، وهي ليست من باب الديانات بل هي من قبيل التنظيمات وإن أخذت صفات العيد في كونها تعود كل عام وفي كونها محل احتفال واحتفاء، هذا فيما يظهر لي محل بحث واجتهاد تقدر فيه المصالح والمفاسد إذ لا مشورة للمسلمين فيها ولا اعتبار لرأيهم بل هي مفروضة على العالم كله والمسلمون من الضعف والذلة بما يعلم.

ب- أن لا يكون يوما أو أسبوعا ثابتا في السنة وإنّما متنقل حسب تنظيم معين أو مصلحة ما، فهذا انتفت عنه علة العيد وهي العود في يوم محدد، المحرم؟ أم هو من التشبه الحلال فيكون كسائر التنظيمات الإدارية ونحوها وكأيام الجرد السنوية بالنسبة للشركات والمؤسسات ونحوها؟ هذا أيضا محل بحث ونظر، وإن كان الظاهر لي ابتداءا أنّه لا بأس بها لما يلي:

- عدم ثباتها في أيام معينة تعود كلما عادت؛ فانتفت عنها صفة العيد.

- أنّها لا تسمى أعيادا ولا تأخذ صفة الأعياد من حيث الاحتفال ونحوه.

- أنّ الهدف منها تنظيم حملات توعية وإرشاد لتحقيق أهداف نافعة.

- أنّه يلزم من منعها منع كثير من التنظيمات والاجتماعات التي تعود بين حين وآخر، ولا أظن أحدا يقول بهذا وذلك مثل الاجتماعات الأسرية والدعوية والوظيفية ونحوها.

- ليس فيها علة تحرمها إلا كون أصلها من الكفار وانتقلت إلى المسلمين، وعمت بها البلوى وانتشرت عند الكفار وغيرهم، فانتفت عنها خصوصية الكفار بها بانتشارها بين المسلمين.

والخلاصة: أنّها ليست من دين الكفار ومعتقداتهم، وليست من خصائص عاداتهم وأعرافهم، ولا تعظيم فيها ولا احتفال وليست أعيادا في أيام معلومة تعود كلما عادت فأشبهت سائر التنظيمات على ما فيها من مصلحة راجحة.

وللموضوع بقية

ـ[محمود محمدى العجوانى]ــــــــ[25 - عز وجلec-2010, مساء 05:34]ـ

رابعا: من صور التشبه بالكفار قلب أعياد المسلمين إلى ما يشبه أعياد الكفار: فإن أعياد المسلمين تميزت بكون شعائرها تدل على شكر الله تعالى وتعظيمه وحمده وطاعته، مع الفرح بنعمة الله تعالى وعدم تسخير هذه النعمة في المعصية وعلى العكس من ذلك أعياد الكفار فإنّها تميزت بأنّها تعظيم لشعائرهم الباطلة وأوثانهم التي يعبدونها من دون الله تعالى مع الانغماس في الشهوات المحرمة، ومع بالغ الأسف فإنّ المسلمين في كثير من الأقطار تشبهوا بالكفار في ذلك، فقلبوا مواسم عيدهم من مواسم طاعة وشكر إلى مواسم معصية وكفر للنعمة وذلك بإحياء ليالي العيدين بالمعازف والغناء والفجور وإقامة الحفلات المختلطة وما

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015