- وكذلك مجادلةُ إبراهيمَ عليه السّلامُ في مواقِفَ متعدِّدةٍ منها: مجادلتُه للملكِ الجائرِ الذي لَحِقَه البَهْتُ عند أخذِ الحجّةِ عليه، قال تعالى: ?أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ? [البقرة: 258].

- وقولُه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «جَاهِدُوا المُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ» (3 ( java******:صلى الله عليه وسلمppendPopup(this,' pjdefOutline_3')))، والجهادُ باللّسانِ يكون بإقامةِ الحجّةِ على أهلِ الباطلِ ودحضِ شُبَهِهم ودُعائِهم إلى اللهِ تعالى، قال ابنُ حزمٍ -رحمه اللهُ-: «وفيه الأمرُ بالمناظرةِ وإيجابُها كإيجابِ الجهادِ والنّفقةِ في سبيلِ اللهِ» (4 ( java******:صلى الله عليه وسلمppendPopup(this,' pjdefOutline_4'))).

أمّا الجدلُ المذمومُ فهو على نوعين:

الأوّلُ: جدلُ الكفّارِ: وهو ما كان على غيرِ هدًى، أو كان لدحْضِ الحقِّ، أو مفرَّغًا مِنَ العلمِ والحجّةِ، أو كان لتثبيتِ باطلٍ والدّعوةِ إليه ونصرةِ أهلِه والمنافحةِ عنهم ويدلّ على هذا المعنى مِنَ الجدلِ المنهيِّ عنه جملةٌ مِنَ الأدلّةِ القرآنيّةِ منها:

- قولُه تعالى: ?مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا? [غافر: 4].

- وقولُه تعالى: ?وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ? [غافر: 5].

- وقولُه تعالى: ?الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا? [غافر: 35].

- وقولُه تعالى: ?وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُنِيرٍ? [الحجّ: 8، لقمان: 20].

- وقولُه تعالى: ?أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ? [الأعراف: 71].

الثّاني: جدلُ المسلمين: وهو القائمُ على طريقةِ أهلِ الأهواءِ والبِدَعِ، والذي يكون سببًا في التّحوّلِ والانتقالِ مِنَ الإيمانِ إلى الكفرِ، ومِنَ الهدى إلى الضّلالِ، ومِنَ السّنّةِ إلى البدعةِ، قال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ -رحمه اللهُ-: «مَنْ جَعَلَ دِينَهُ غَرَضًا لِلْخُصُومَاتِ أَكْثَرَ التَّنَقُّلَ» (5 ( java******:صلى الله عليه وسلمppendPopup(this,' pjdefOutline_5')))، ومِنْ جدلِ المسلمين المذمومِ ما كان على وجهِ معارضةِ الآياتِ المتشابِهاتِ ابتغاءَ الفتنةِ وابتغاءَ تأويلِها على غيرِ مقصودِ الشّارعِ ومرادِه، أو تضمّن الجدلُ تكذيبًا للآثارِ، أو مكابَرةً لنصوصِ التّشريعِ، أو معارضةً للإجماعِ بنقضِ عقدتِه، أو مغالطةً في القياسِ أو في مقدّماتِه، أو ما كان الجدلُ قائمًا على المماراةِ والخصومةِ المؤديّةِ إلى تشتيتِ الألفةِ وتصديعِ أواصرِ المحبّةِ، أو إدخالِ الشّكوكِ في الثّوابتِ وتوليدِ الشّحناءِ في النّفوسِ بتسفيهِ الكبارِ والانتقاصِ مِن أهلِ الدّينِ والملّةِ ببترِ أقوالِهم وحملِ كلامِهم على غيرِ مرادِهم بمختلفِ الأغاليطِ وأساليبِ التّنقيرِ والتّحقيرِ والتّنفيرِ، أو إثارةِ العصبيّةِ والفُرْقةِ بين المسلمين، الأمرُ الذي قد يصل إلى حدِّ التّكفيرِ والاقتتالِ. وهذا كلُّه مذمومٌ مهما كان تبريرُ مقاصدِ المتخاصمَيْنِ، ويدلّ عليه قولُه تعالى: ?كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ. يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ? [الأنفال: 5 - 6]، وقولُه تعالى: ?الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ? [البقرة: 197]، وحديثُ عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: «تَلاَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: ?هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015