[روينا في (صحيحي البخاري ومسلم) عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: "هل تدرون ماذا قال ربكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم! قال: قال: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته؛ فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مُطرننا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب".
قلت =النووي=: الحديبية معروفة، وهي بئر قريبةمن مكة دون مرحلة، ويجوز فيها تخفيف الياء الثانية وتشديدها، والتخفيف هو الصحيح المختار، وهو قول الشافعي وأهل اللغة، والتشديد قول ابن وهب وأكثر المحدثين.
والسماء هنا: المطر.
وإثر بكسر الهمزة وإسكان الثاء، ويقال: بفتحهما لغتان.
قال العلماء: إن قال مسلم: مطرنا بنوء كذا، مريدا أن النوء هو الموجد والفاعل المحدث للمطر، صار كافرا مرتدا بلا شك، وإن قاله مريدا أنه علامة لنزول المطر، فينزل المطر عند هذه العلامة، ونزوله بفعل الله تعالىوخلقه سبحانه، لم يكفر.
واختلفوا في كراهته، والمختار أنه مكروه، ولأنهمن ألفاظ الكفار، وهذا ظاهر الحديث، ونص عليه الشافعي رحمه الله في (الأم) وغيره، والله أعلم.
ويستحب أن يشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة، أعني نزول المطر].
وقال النووي في (الأذكار) (1/ 461):
[ويُكره أن يقول: مُطرنا بنوْءِ كذا، فإن قاله معتقداً أن الكوكب هو الفاعل فهو كفر، وإن قاله معتقداً أن اللّه تعالى هو الفاعلوأن النوْءَ المذكور علامة لنزول المطر لم يكفر، ولكنه ارتكب مكروهاً لتلفظه بهذااللفظ الذي كانت الجاهلية تستعملُه، مع أنه مشتركٌ بين إرادة الكفر وغيره، وقد قدَّمنا الحديث الصحيح المتعلق بهذا الفصل في باب ما يقول عند نزولالمطر].
والله تعالى أعلم
([1]) سنن أبي داود (5097) صحيح ابن ماجة (3727).
([2]) سنن أبي داود (5099)، الصحيحة (2757)، الكلم الطيب (155)، صحيح الجامع الصغير (7930)، صحيح الكلم (128/ 156).
([3]) السلسلة الصحيحة (2756).
([4]) السلسلة الصحيحة (2058)، قال الألباني في (السلسلة الصحيحة) (5/ 90): أخرجه البخاريفي (الأدب المفرد) (718) والطبراني في (الكبير) (7/ 37) و (الأوسط) (1/ 161/ 3005) وابن السني في (عمل اليوم و الليلة) (294).
([5]) سلسلة الأحاديث الضعيفة (5/ 283) (2256): موضوع. رواه أبو يعلى في المسند (1947)، وابن السني في (عمل اليوم) (379)، وابن حبان في (المجروحين) (2/ 179).
([6]) من أين له الحُسْن وفي سنده الحسين بن قيس الملقب بـ (حنش) قال عنه في التقريب: متروك. سلسلة الأحاديث (5600) قال الألباني: منكر بهذا التمام. أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) (11/ 213/ 11533).
([7]) معرفة السنن والآثار للبيهقي (5/ 190) (2099).
([8]) الطبراني في معجمه الأوسط (ج 7/ ص 356) حديث رقم: (7719) وقال في (مجمع الزوائد): وفيه عبد الأعلى بن أبي المساور وهو متروك.
([9]) بل قال ابن حجر: متروك، كذبه ابن معين.
([10]) معرفة السنن والآثار للبيهقي (5/ 192) (2101).
([11]) سنن الترمذي (3450)، الضعيفة (1042)، الكلم الطيب (158/ 111)، ضعيف الجامع الصغير (4421)، المشكاة (1521).
([12]) السنن الكبرى للبيهقي (3/ 362). وكذلك كان يقول على رضي الله تعالى عنه، أخرجه ابن جرير (13/ 124)، كنز العمال (15238) وعن ابن عباس في (التفسير) من سنن سعيد بن منصورقال: حدثنا سعيد قال: نا مهدي بن ميمون، عن غيلان بن جرير، عن ابن عباس، قال: (من سمع صوت الرعد، فليقل: سبحان من سبحت له، سبحان الله العظيم مرتين). وعن الأسود بنيزيد في (الدعاء للطبراني): حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم، ثنا يعلى بنالحارث المحاربي، عن أبي صخرة جامع بن شداد، قال: كان الأسود بن يزيد إذا سمع صوتالرعد، قال: سبحان من سبحت له، يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته).
([13]) الدعاء للطبراني باب القول عند سماع الرعد، والعظمة لأبي الشيخ الأصبهاني في بابصفة الرعد والبرق.
([14]) أخرجه الشافعي في الأم (1/ 253)، والبيهقى في المعرفة (5/ 186، رقم 7236). الصحيحة (1469).