كان هذا عرضاً للباعث على الاجتهاد والمقصد منه، فبذلك يستبين قيمة الشيء وعظمته، لأنّ ((الأمور بمقاصدها))، أي يبدو خطرها ومسيس الحاجة إليها حين تكون مقاصدها متصلة بضرورات الحياة، وما لا يمكن الاستغناء عنه.

وعدّ د. مسفر القحطاني خمس نقاط تبدو من خلالها أهمية البحث في النوازل:

((أولاً: التأكيد على صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان.

ثانياً: مراعاة حاجات ومصالح العباد.

ثالثاً: تفويت الفرصة على الآخذين بالقوانين الوضعية.

رابعاً: تجديد الفقه الإسلامي.

خامساً: ربط قوة الأمة الإسلامية في ضعفها بتقدم الاجتهاد أو تأخره)) [14] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn14).

المُخَوَّل في الاجتهاد بالنوازل:

قال الحسن البصري [15] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn15) ت (110هـ): ((كان الرجل إذا طلب العلم لم يلبث أن يُرى ذلك في بصره وتخشعه ولسانه ويده وصلاته وزهده)) [16] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn16).

وقال محمد بن سيرين، ت (110هـ) [17] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn17): (( إنّ هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم)) [18] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn18) .

وطالما قلنا إن المسائل المتجددة الملحة تتطلب اجتهاداً لمعرفة حكمها، فهذا يعني حكماً أن القائم بالعملية الاجتهادية ينبغي أن تتوفر فيه آلة الاجتهاد علماً، والعدالة حالاً، وطالما قلنا: إن النوازل لا تكون إلا وقائع حصلت أو قريبة الحدوث، فهذا يعني أن عملية الاجتهاد تأخذ طريقها باتجاه أن تكون فتوىً، فإذاً لابد أن تتوفر أيضاً شروط المفتي في الباحث في النوازل المُبَيِّن لحكم الله تعالى فيها، وعملياً المؤدَّى واحدٌ؛ إذ اشترط الفقهاء في المفتي أن يكون مجتهداً.

وقد مر في كتب الفقهاء تقسيم الفقهاء إلى مراتب منهم من هو أهل للاجتهاد، ومنهم من دوره التقليد، وفي هذا الصدد أذكر قول ابن الهمام [19] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn19) رحمه الله:

((استقرَّ رأي الأصوليِّين على أنَّ المفتي هو المجتهد، وأمّا غير المجتهد ممّن يحفظ أقوال المجتهد فليس بمفتٍ، والواجب عليه إذا سُئِل أن يذكر قول المجتهد كأبي حنيفة على جهة الحكاية .. وطريق نقلهِ كذلك عن المجتهد أحد أمرين إمّا أن يكون له فيه سندٌ إليه أو يأخذه من كتاب معروفٍ تداولته الأيدي، نحو كتب محمّد بن الحسن ونحوها من التّصانيفِ المشهورة للمجتهدين لأنّه بمنزلة الخبر المتواتر عنهم أو المشهور)) [20] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn20).

من هنا نعلم أن المفتي المستجمع للمواصفات - عند الحنفية - هو من كان في الحد الأدنى مجتهداً في المذهب.

وكذلك الأمر عند الشافعية؛ فبعد أن عدّ ابن الصلاح، شرائط المجتهد المطلق، وهي بمجملها شرائط عدالة، وضبط وإتقان لعلوم الشريعة بأصولها وفروعها، قال:)) والمجتهد المستقل (المطلق) هو الذي يستقل بإدراك الأحكام الشرعية،من غير تقليد، وتقيد بمذهب أحد)) [21] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftn21).

فاستبان لنا أن الفروق بين الشافعية والحنفية - وكذلك سائر المذاهب - شكلية؛ إذ إن شروط الاجتهاد تكاد تكون مجمعاً عليها، كيف لا وهي من الضرورة بمكان؟!

[1] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftnref1) - الراغب الأصفهاني، غريب مفردات القرآن، مادة (نزل).

[2] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftnref2) - ابن منظور، لسان العرب، باب اللام، فصل النون، فالزاي، مادة (نزل).

[3] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftnref3) - ابن عبد البر، جامع بيان العلم وفضله، ط3، 1418هـ، دار ابن الجوزي، الدمام، 2/ 844.

[4] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftnref4) - الجيزاني، محمد بن حسين، فقه النوازل، ط2، 1427هـ، دار ابن الجوزي، الدمام، 1/ 21.

[5] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=15#_ftnref5) - الأستاذ بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015