يقول الكاساني – رحمه الله –: (فكل فرقة جاءت من قبل الزوج قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه فتوجب المتعة لأنّها توجب نصف المسمّى في نكاح فيه تسمية، والمتعة عوض عنه كردة الزوج وإبائه الإسلام، وكل فرقة جاءت من قبل المرأة فلا متعة لها) (80).

ويقول الشيرازي – رحمه الله –: (وإن وقعت الفرقة بغير الطلاق نظرت فإن كانت بالموت لم تجب لها المتعة لأنّ النكاح قد تمّ بالموت وبلغ منتهاه فلم تجب لها متعة وإن كانت بسبب من جهة أجنبي كالرضاع فحكمه حكم الطلاق في الأقسام الثلاثة لأنّها بمنزلة الطلاق في تنصيف المهر فكانت كالطلاق في المتعة وإن كانت بسبب من جهة الزوج كالإسلام والردة واللعان فحكمه حكم الطلاق في الأقسام الثلاثة لأنّها فرقة حصلت من جهته فأشبهت الطلاق، وإن كانت بسبب من جهة الزوجة كالإسلام والردة والرضاع والفسخ بالإعسار والعيب بالزوجين جميعاً لم تجب لها المتعة لأنّ المتعة وجبت لها لما يلحقها من الابتذال بالعقد وقلة الرغبة فيها بالطلاق وقد حصل ذلك بسبب من جهتها فلم تجب) (81).

وقال ابن قدامة – رحمه الله –: (وكل فرقة يتنصف بها المسمى توجب المتعة إذا كانت مفوضة وما يسقط به المسمى من الفرقة كاختلاف الدين والفسخ بالرضاع ونحوه إذا جاء من قبلها لا تجب به متعة) (82).

المبحث الخامس: مقدار المتعة.

عند النظر في أقوال الفقهاء في مقدار المتعة الواجبة للمطلقة، نجد أنهم اختلفوا في تحديد مقدارها، ذلك أنّ الله – سبحانه وتعالى – قال:" ومتعوهنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين" (83).

فالخطاب الموجه للأزواج أن تكون المتعة حسب حالهم يسراً وعسراً، ولا ينظر إلى حال الزوجة لأنّ الخطاب القرآني موجه للأزواج، وحال الناس يختلف من شخص لآخر، لذا فإنّ الأمر متروك للاجتهاد، وهو مختلف من زمان لآخر، ومن مكان لآخر، ويترك أمر تحديده للحاكم المسلم.

جاء في حاشية ابن عابدين: (قوله وهي درع الخ الدرع بكسر المهملة ما تلبسه المرأة فوق القميص كما في المغرب ولم يذكره في الذخيرة وإنما ذكر القميص وهو الظاهر، وأقول درع المرأة قميصها والجمع أدرع وعليه جرى العيني وعزاه في البناية لابن الأثير فكونه في الذخيرة لم يذكره مبني على تفسير المغرب، والخمار ما تغطي به المرأة رأسها، والملحفة بكسر الميم ما تلتحف به المرأة من قرنها إلى قدمها، قال فخر الإسلام هذا في ديارهم أما في ديارنا فيزاد على هذا إزار ومكعب كذا في الدراية ولا يخفى إغناء الملحفة عن الإزار إذ هي بهذا التفسير إزار إلا أن يتعارف تغايرهما كما في مكة المشرفة ولو دفع قيمتها أجبرت على القبول كما في البدائع وما ذكر من الأثواب الثلاثة أدنى المتعة وفي البدائع وأدنى ما تكتسي به المرأة وتستر به ثم الخروج ثلاثة أثواب اه، قلت فأتى هذا مع ما مر عن فخر الإسلام من أن هذا في ديارهم الخ أن يعتبر عرف كل بلدة لأهلها فيها تكتسي به المرأة ثم الخروج، تأمل، ثم رأيت بعض المحشين قال وفي البرجندي قالوا هذا في ديارهم أما في ديارنا فينبغي أن يجب أكثر من ذلك لأن النساء في ديارنا تلبس أكثر من ثلاثة أثواب فيزاد على ذلك إزار ومكعب اه، قوله لا تزيد على نصفه الخ في الفتح عن الأصل والمبسوط المتعة لا تزيد على نصف مهر المثل) (84).

وجاء في المهذب: (والمستحب أن تكون المتعة خادماً أو مقنعة أو ثلاثين درهماً لما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال يستحب أن يمتعها بخادم فإن لم يفعل فبثياب وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال يمتعها بثلاثين درهما وروي عنه، قال يمتعها بجارية. وفي الوجوب وجهان أحدهما ما يقع عليه اسم المال والثاني وهو المذهب أنه يقدرها الحاكم) (85).

وجاء في الكافي: (وفي قدرها روايتان إحداهما يرجع فيها إلى اجتهاد الحاكم فيفرض لها ما يؤديه اجتهاده إليه لأنه أمر لم يرد الشرع بتقديره ويحتاج إلى الاجتهاد فرد إلى الحاكم كالنفقة والثانية أعلى المتعة خادم وأدناها كسوة تجزئها في صلاتها وأوسطها ما بين ذلك) (86).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015