3 - قوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ فما لكم عليهنّ من عدة تعتدونها فمتعوهنّ وسرحوهنّ سراحاً جميلاً "، فهذه الآية أوجبت المتعة للمطلقة قبل الدخول سواء فرض لها المهر أو لم يفرض لها، وذكر هذا النوببع من المطلقات لا ينفي الحكم عن غيره من الأنواع، فلم يرد دليل ينفي الحكم عن باقي المطلقات، وذكر هذا النوع من المطلقات إنّما هو من باب الزيادة في التوضيح والبيان، وقد جاءت المتعة بصيغة الأمر الذي يقتضي الوجوب ولم تأتِ أي قرينة تصرف هذا الوجوب إلى الندب، وادعاء النسخ أو التخصيص يحتاج إلى دليل.

4 - قوله تعالى:" لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهنّ أو تفرضوا لهنّ فريضة، ومتعوهنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين، وإن طلقتموهنّ من قبل أن تمسوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضة فنصف ما فرضتم"، فهاتان الآيتان أيضاً كسابقتهما، أثبتتا المتعة لصنف من المطلقات، لكنهما لم تنفِيا الحكم عن باقي الأنواع، بل فيها مزيد من البيان لصنف من أصناف المطلقات، حيث أراد الله أن يبين في هذه الآية حكم المتعة للمطلقة قبل الدخول، فذكر أنّ المطلقات قبل الدخول قسمان: قسم لم يفرض له المهر ابتداءً، وقسم آخر فرض له المهر، وبين أنّ التي لم يفرض لها المهر تستحق المتعة التي لم تقيد بمقدار معين، وذكر أنّ المطلقة قبل الدخول المفروض لها المهر تستحق نصفه، وكأنّه تعالى يريد أن يبين أنّ هذا المقدار – نصف المهر – هو متعة تلك المطلقة، وجاء التمتيع في الآية بصيغة الأمر الذي يقتضي الوجوب، كما أنها جعلت المتعة حقاً على المحسنين، ويجب على كل مسلم أن يكون من المحسنين المتقين.

ولا دليل في القرآن أو السنة على أن هناك نسخ في الآيات، أو أن هناك تحديد لاستحقاق قسم من المطلقات المتعة دون غيرهم، لذا تبقى الأدلة على عمومها، وما ذكر من أصناف هو من باب الزيادة في التوضيح والبيان.

أمّا اعتبار أنّ متعة المطلقة المفروض لها المهر قبل الدخول نصف المهر فقط ولا يجب لها غيره فللأسباب التالية:

- أنّ الله سبحانه وتعالى بين وجوب المتعة للمطلقة قبل الدخول سواء فرض لها المهر أو لم يفرض بقوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ فما لكم عليهنّ من عدة تعتدونها فمتعوهنّ وسرحوهنّ سراحاً جميلاً "، ثم ذكر الله في آية أخرى تفصيلاً وتوضيحاً لمتعة المطلقة قبل الدخول فقال تعالى:" لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهنّ أو تفرضوا لهنّ فريضة، ومتعوهنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين، وإن طلقتموهنّ من قبل أن تمسوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضة فنصف ما فرضتم"، فقسم الله المطلقة قبل الدخول إلى قسمين: الأول: مطلقة لم يفرض لها المهر ونصّ على استحقاقها للمتعة، والثاني: مطلقة فرض لها المهر وبين الله استحقاقها لنصف المهر ولم يذكر لها أكثر من ذلك، و" أو" هنا بمعنى الواو أي " ما لم تمسوهنّ و تفرضوا لهنّ فريضة"، والتفريق بينهما في الذكر دال على التفريق بينهما في الحكم، لذا دل الجمع بين هذه الآيات على أنّ المطلقة قبل الدخول وبعد فرض المهر تستحق المتعة وهي نصف المهر المسمى ولا يجب لها غيره.

المبحث الرابع: مسقطات المتعة.

تكلم الفقهاء عن الحالات التي تسقط فيها المتعة، ونكاد نجد اتفاقاً فيما بينهم في هذه المسألة، حيث قسم الفقهاء الفرقة التي تكون بين الزوجين إلى قسمين (79):

القسم الأول: ما كانت الفرقة فيه بسبب من الزوج، كاللعان، والإيلاء، والردة، وغيرها من أسباب، فتجب حينئذ المتعة للمرأة.

القسم الثاني: ما كانت الفرقة فيه بسبب من الزوجة، كالمخالعة، والردة، والفسخ بالإعسار والعيب، فإنها لا تستحق المتعة حينئذ.

أما إن كان التفريق بسبب الرضاع فينظر، إن كان طلب الفسخ من الزوج فيلحق بالطلاق من حيث وجوب المتعة، وإن كان طلب الفسخ من الزوجة فلا تستحق المتعة، وإن كان طلب الفسخ من طرف ثالث كالمرضعة أو أي شخص آخر فتستحق المرأة المتعة أيضاً.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015