2 - قوله تعالى:" لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهنّ فريضة، ومتعوهنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين" (40).

وجه الدلالة من الآيتين: أنّ الآية الكريمة الأولى جاءت عامة في كل المطلقات، والثانية جاءت خاصة في قسم من أقسام المطلقات، وجاءت الآيتين بصيغة الأمر، ولكن صُرف الأمر من الوجوب إلى الندب بقوله تعالى" حقاً على المتقين " وقوله تعالى" حقاً على المحسنين"، لأنّ الله جعلها حقاً على المتقين والمحسنين دون غيرهما من الناس، ولا يكون هذا في شأن الواجب (41).

جاء في المدونة http://www.alfeqh.com/montda/style_emoticons/default/sad.gif قال مالك إنّما خفف عندي في المتعة ولم يجبر عليها المطلق في القضاء في رأيي لأني أسمع الله يقول "حقاً على المتقين" و "حقاً على المحسنين" فلذلك خففت، ولم يقض بها قال سحنون وقال غيره لأنّ الزوج إذا كان غير متق ولا محسن فليس عليه شيء فلمّا قيل على المتقين وعلى المحسنين متاع بالمعروف ولم يكن الخطاب عاماً لغير المحسن ولا المتقي علم أنّه مخفف) (42).

ويقول الدسوقي http://www.alfeqh.com/montda/style_emoticons/default/sad.gif والأمر المستفاد من "على" للندب بقرينة التقييد بالمحسنين والمتقين لأنّ الواجبات لا يتقيد بهما) (43).

3 - من المعقول: المتعة لو كانت واجبة لعيّن فيها القدر الواجب دفعه منها كما هو الحال في شأن الأموال الواجبة (44)، يقول ابن عبد البر: (المتعة لو كانت فرضاً أو واجباً يُقضى به لكانت مقدرة معلومة كسائر الفرائض في الأموال، فلمّا لم تكن كذلك خرجت من حد الفروض إلى الندب والإرشاد والاختيار، وصارت كالصلة والهدية) (45).

مناقشة الأدلة:

- أمّا استدلالهم بالآيات القرآنية وقولهم إنّ الأمر في الآيات القرآنية صُرف عن الوجوب إلى الندب بقوله تعالى على المتقين وعلى المحسنين فيجاب عنه بعدة أمور: أ- ما ذكره الله بأنّ هذا التمتيع حق واجب على المتقين تأكيد لإيجابها، لأنّه يجب على كل مسلم أن يتقي الله فلا يعصيه، وكذلك في قوله تعالى"حقاً على المحسنين" فالأصل أن يتصف كل المسلمين بصفة الإحسان، ولا تختص هذه الصفة بفئة من المسلمين دون غيرهم (46).

يقول الجصاص http://www.alfeqh.com/montda/style_emoticons/default/sad.gif قوله تعالى"متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين" تأكيد لإيجابه إذ جَعَلها من شرط الإحسان وعلى كل أحد أن يكون من المحسنين وكذلك قوله تعالى" حقاً على المتقين") (47).

ويقول الطبري http://www.alfeqh.com/montda/style_emoticons/default/sad.gif فإن ظنّ ذو غباء أنّ الله - تعالى ذكره - إذ قال "حقاً على المحسنين" و "حقاً على المتقين" أنّها غير واجبة لأنّها لو كانت واجبة لكانت على المحسن وغير المحسن والمتقي وغير المتقي، فإنّ الله تعالى ذكره قد أمر جميع خلقه بأن يكونوا من المحسنين ومن المتقين وما وجب من حق على أهل الإحسان والتقى فهو على غيرهم أوجب ولهم ألزم" (48).

ب- ليس تخصيص المتقين والمحسنين بالذكر دليلاً على أنّ غيرهم غير داخل في الحكم، ويشبه ذلك قوله تعالى:" ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين" (49) وهو هدى للناس كافة، وليس موجباً لأن لا يكون هدى لغيرهم (50).

2 - أمّا استدلالهم بأنّ الله لم يقدر المتعة بمقدار معين ممّا يدل على عدم وجوبها، فيجاب عنه بأنّ الله – سبحانه وتعالى – أوجب نفقة الزوجة على زوجها ولم يقدرها بمقدار معين بل ترك تقديرها للاجتهاد (51).

ثانياُ: أدلة القائلين بأنّ المتعة واجبة للمطلقة قبل الدخول.

استدل القائلون بأنّ المتعة واجبة للمطلقة قبل الدخول، سواء فرض لها مهر أو لم يفرض لها مهر بالأدلة التالية:

1 - قوله تعالى:" ياأيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهنّ من قبل أن تمسوهنّ فما لكم عليهنّ من عدة تعتدونها فمتعوهنّ وسرحوهنّ سراحاً جميلاً" (52).

وجه الدلالة من الآية: أنّ الله – سبحانه وتعالى - أوجب المتعة في الطلاق قبل الدخول وجاء ذلك بصيغة الأمر"فمتعوهنّ"، وهذه الآية تعتبر ناسخة للآيات التي جاءت عامة في كل مطلقة (53).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015