ويلاحظ على التعريفين أنّهما غير جامعين ولا مانعين حيث إنّ تعريف ابن عرفة يتضمن ما يعطيه الزوج لمطلقته عن طريق الأمر وهذا لا يتحقق إلاّ إذا كان الإلزام من الحاكم أو من ينوب عنه، والأصل أنّ متعة الطلاق تستحق بمجرد الطلاق وليس بمجرد حكم القاضي، كما أنّ كلا التعريفين يدخل فيهما ما يعطيه الزوج من غير المتعة كأي التزام آخر يترتب على الطلاق كالمهر المؤجل مثلاً. كما يعاب على التعريفين أنّهما يشملان كل طلاق وفرقة بين الزوجين، مع أنّ الفقهاء نصوا على أنّ الطلاق الذي كان بسبب من الزوجة لا تستحق فيه المتعة على ما سنبين في الصفحات المقبلة.

أمّا التعريف المختار للمتعة فهو:" المال الذي يدفعه الرجل لمطلقته تعويضاً عمّا لحقها من ضرر في فرقة لم تكن هي المتسببة فيها".

المطلب الثالث: أقسام المطلقات.

لابد قبل الخوض في حكم المتعة للمطلقات أنّ نبين أقسام المطلقات، حيث تنقسم المطلقات من حيث الدخول بهنّ وفرض المهر لهنّ إلى أربعة أقسام (10):

القسم الأول: مطلقة مدخول بها، مفروض لها المهر.

القسم الثاني: مطلقة مدخول بها، لم يفرض لها المهر.

القسم الثالث: مطلقة غير مدخول بها، مفروض لها المهر.

القسم الرابع: مطلقة غير مدخول بها وغير مفروض لها المهر.

وقد اختلف الفقهاء في إعطاء المتعة لجميع أقسام المطلقات المذكورات على ما سنبين بعد قليل.

المبحث الثاني: أدلة مشروعية المتعة للمطلقات.

المتعة للمطلقات مشروعة في القرآن الكريم والسنة النبوية:

أولاً: القرآن الكريم:

1 - قال تعالى:" لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهنّ أو تفرضوا لهنّ فريضة، ومتعوهنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين" (11).

فالله- سبحانه وتعالى- أمر بمتعة المطلقات اللواتي لم يدخل بهنّ ولم يفرض لهنّ مهراً بقوله تعالى "ومتعوهن" أي أعطوهنّ شيئاً يكون متاعاً لهنّ (12).

2 - قال تعالى:" وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين" (13).

فالآية الكريمة أعطت للمطلقة المتعة دون تقييد المطلقة بنوع، فدلّ ذلك على مشروعيتها.

3 - قال تعالى:" يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتنّ تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكنّ وأسرحكنّ سراحاً جميلاً " (14).

فالله- سبحانه وتعالى- طلب في هذه الآية من نبيه – صلى الله عليه وسلم - أن يخيّر نسائه بين البقاء معه أو مفارقته، كما بيّن أنّ التي تفارقه لها المتعة " فتعالين أمتعكنّ "، يقول الشوكاني http://www.alfeqh.com/montda/style_emoticons/default/sad.gif " أمتعكنّ " أي أعطيكنّ المتعة) (15).

قال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلقتموهنّ من قبل أن تمسوهنّ فما لكم عليهنّ من عدة تعتدونها فمتعوهنّ وسرحوهنّ سراحاً جميلاً" (16).

فالآية الكريمة بينت أنّ للمطلقة قبل الدخول الحق في أخذ المتعة من زوجها الذي طلقها، وهذا دال على مشروعيتها.

ثانياً: السنة النبوية:

1 - عن أبي أسيد – رضي الله عنه – قال: ثم خرجنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم - حتى انطلقنا إلى حائط يقال له الشّوط حتى انتهينا إلى حائطين فجلسنا بينهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:اجلسوا هاهنا. ودخل وقد أتى بالجونية فأنزلت في بيت في نخل في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل ومعها دايتها حاضنة لها، فلما دخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: هبي نفسك لي. قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة. قال: فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن. فقالت: أعوذ بالله منك. فقال: قد عذت بمعاذ. ثم خرج علينا فقال: يا أبا أسيد اكسها رازقيّين (17) وألحقها بأهلها (18).

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لمّا طلق زوجته متّعها بثوبين رازقيين، ولو لم تكن المتعة مشروعة لما فعلها النبي- صلى الله عليه وسلم -، فدلّ فعله - صلى الله عليه وسلم - على مشروعية المتعة للمطلقات.

2 - مجموعة من الآثار عن الصحابة- رضي الله عنهم-، منها:

أ - أنّ الحسن بن علي رضي الله عنهما متع امرأة عشرين ألفا وزقين من عسل فقالت المرأة متاع قليل من حبيب مفارق (19).

ب - أنّ عبد الرحمن بن عوف متع امرأته التي طلق جارية (20).

المبحث الثالث: حكم المتعة للمطلقات.

المطلب الأول: تحرير محل النزاع (21):

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015