يريد عملاً يكون له فيه شريك، من عمل عملاً أشرك فيه مع الله، فإن الله تعالى يتركه وشركه، أي: وما أشرك به فلا يقبل منه. وأما اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلابد في كل عبادة منه، لقول الله عز وجل:قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31]، وقال عز وجل:وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:153]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " أي: مردود عليه.
وإذا كان لابد في العبادة من اتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإنه يلزم على كل إنسان يريد أن يتعبد: أن يعرف كيف كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يؤدي هذه العبادة حتى تتحقق له المتابعة، لأنك لا يمكن أن تتابع الرسول عليه الصلاة والسلام وأنت لا تدري كيف يفعل، لهذا يجب عليك أن تعلم كيف كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ، كيف كان يصلي، كيف كان يتصدق، كيف كان يصوم، كيف كان يحج؛ حتى تعبد الله عز وجل متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما أن تعبد كما يعبد الناس فهذا لا شك أنه إذا كان الناس على صواب فإنك على صواب لكنك لست مطمئناً كما ينبغي وأنت لا تدري على أي أساس بنى الناس عبادتهم، ولهذا قال أهل العلم: إن العلم فرض عين في كل عبادة يريد الإنسان أن يقوم بها. أي أنه يجب عليك أن تعلم كيف كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتعبد في العبادة التي تريد أن تقوم بها، فمثلاً: رجل عنده مال يجب عليه أن يتعلم أحكام الزكاة، ورجل لا مال عنده لا يجب عليه أن يتعلم أحكام الزكاة، رجل مستطيع الحج ويريد أن يحج يجب عليه أن يتعلم أحكام الحج، وآخر لا يستطيع الحج ليس عنده مال فلا يريد الحج فلا يجب عليه أن يتعلم أحكام الحج.
ولهذا ينبغي لكل من أراد الحج أن يتعلم كيف يحج؛ إما عن طريق المشافهة عن أهل العلم، وإما عن طريق القراءة من الكتب الموثوق بمؤلفيها وليس كل كتاب مؤلف في المناسك أو غيرها يكون موثوقاً؛ لأن صاحبه قد يكون قليل علم وقد يكون من الناس الذين لا يبالون فيما يتكلمون به. على كل حال طرق تعلم أحكام الحج ثلاثة: المشافهة، وقراءة الكتب، والاستماع إلى الأشرطة المسجلة من أناس موثوق بهم، حتى يعبد الإنسان ربه على بصيرة [6].
ــــ
يتبع بمشيئة الله سبحانه وتعالى
[1]. سورةآل عمران، آية 97.
[2]. سورة البقرة، آية 197.
[3]. روى الإمام مسلم –بسنده- عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله عليه السلام قال:" العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة "، وقد روى هذا الحديث، غير مسلم؛ الإمام البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة والأصبهاني وزاد:" وما سبح الحاج من تسبيحة، ولا هلل من تهليلة ولا كبر تكبيرة إلا بشر بها تبشيرة ".
فالحج المبرور هو الذي لا يخالطه إثم، وهذا هو الأصح، مشتق من البر وهو الطاعة، وفيما رواه الإمام أحمد من حديث جابر مرفوعا:" الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، قيل يارسول الله ما بر الحج؟ قال:" اطعام الطعام وإفشاء السلام".
وقيل في الحج المبرور هو القبول، ومن علامات القبول أن يرجع خيرا مما كان، ولا يعاود المعاصي،
وقد قيل هو الذي لا رياء فيه، وقيل هو الذي لا يعقبه معصية.
[4]. فالحديث أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو مخرج في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (1200) و الإرواء (769).
[5]. جاء صريحاً في بعض الأحاديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه"، وجاء بلفظ:" مَنْ حجَّ فلم ..... " رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمرو بن العاص:" .... وإن الحج يهدم ماقبله"، وعن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:" تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما يَنفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرُ خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة "، رواه النسائي والترمذي وصححه ومعنى كلمة خبث: أي وسخ، أما الكير فهي الآلة التي ينفخ بها الحداد والصائغ النار.
[6]. العثيمين جلسات الحج.