إذن: عرق الإنسان الجنب طاهر، وكذلك عرق المرأة الحائض أكرمكم الله طاهر والدليل على ذلك: ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة م قالت: كُنْت أُرَجِّل رَسُوْل الْلَّه r وَأَنَا حَائِض (أُرَجِّل) أسرح لرسول الله r شعره وأنا حائض فلو كان عرقُ الحائض نجساً؛ لتحرز النبي r أن تمسه عائشة م وهي حائض.

بل ثبت أن النبي r كما في صحيح مسلم قال: «يَا عَائِشَة نَاوِلِيَنِّي الْخُمْرَةَ مِن الْمَسْجِد» فَقَالَت: إِنِّي حَائِضٌ فَقَال: «إِن حَيْضَتَكِ لَيْسَت فِي يَدِك» فدل على أن يدها طاهرة سواء عرقت أو لم تعرق فيدها طاهرة حتى أثناء الحيض، وهذا من سماحة الإسلام ويسره وإلا فاليهود كانوا إذا حاضت المرأة نقلوها إلى بيت بجوار البيت لا يأكلها أحد ولا يشاربها أحد، ولا يجلس معها أحد في غرفة واحدة لأنها حائض حتى تطهر، لكن الإسلام أباح للإنسان أن يتعامل مع زوجته الحائض كأنها طاهر تماماً فقال: «افْعَلُوْا كُل شَيْء إِلَّا الْنِّكَاح» إلا الجماع.

ثم قال الإمام ابن المنذر رحمه الله تعالى: (باب المواضع التي يجوز فيها الصلاة).

الإجماع الثامن والثلاثون (وَأَجْمَعُوَا أَن الصَّلَاةَ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ جَائِزَةٌ)

الشرح: (مَرَابِضِ الْغَنَمِ) الأماكن التي تربض فيها الغنم أي تبيت فيها، ويسمى مراحي الغنم يجوز للإنسان أن يصلي في هذه الأماكن.

الدليل على ذلك: قول النبي r« صَلُّوْا فِي مَرَابِض الْغَنَم وَلَا تُصَلُّوْا فِي أَعْطَان الْإِبِل فَإِنَّهَا خُلِقَت مِن الْشَّيَاطِيْن» هذا حديث حسن حسنه الألباني وغيره رحمه الله يقول النبي r: « صَلُّوْا فِي مَرَابِض الْغَنَم وَلَا تُصَلُّوْا فِي مَعَاطِن الْإِبِل» هذا الحديث صحيح، لكن هذه الرواية «فَإِنَّهَا خُلِقَت مِن الْشَّيَاطِيْن» زيادة حسنة إسنادها حسن؛ لأن الإبل يُؤكل لحمها وبولها ورجيعها روثها طاهر كالغنم تماماً.

لماذا أباح النبي r أن نصلي في مرابض الغنم ولم يُبح أن نصلي في مبارك الإبل؟ النبي r أبان عن العلة هنا فقال: «فَإِنَّهَا خُلِقَت مِن الْشَّيَاطِيْن» قال بعض أهل العلم: العلة هنا تعبدية وقال بعض أهل العلم: لا بل العلة هنا أن الإبل قد تنفر على الإنسان وهو يصلي فتؤذيه أو أنها كالشياطين التي تقطع صلاته أو نحو ذلك.

ولكن الذي يميل له القلب: أن نتوقف على العلة التي ذكرها ونص عليها النبي r؛ فإنها خلقت من الشياطين والعلة تعبدية.

هنا الإجماع الثامن والثلاثون: (وَأَجْمَعُوَا أَن الصَّلَاة فِي مَرَابِض الْغَنَم جَائِزَةٌ وَانْفَرَد الْشَّافِعِي فَقَال: إِذَا كَان سَلِيْمَاً مِن أَبْوَالِهَا)، الْإِمَام الْشَّافِعِي رَحِمَه الْلَّه يَرَى أَن أَبْوَال الْإِبِل وَأَبْوَال الْغَنَم نَجِسَة وَانْفَرَد عَن الْعُلَمَاء بِذَلِك وَأَرَاد الْإِمَام ابْن الْمُنْذِر أَن يُبَيِّن أن الْإِمَام الْشَّافِعِي رَحِمَه الْلَّه هُو الَّذِي رَأَى ذَلِك

.بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على عبد الله ورسوله محمدا وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.

الإجماع التاسع والثلاثون: يقول الإمام ابن المنذر رحمه الله تعالى: (وَأَجْمَعُوَا عَلَى إِسْقَاط فَرْض الصَّلَاة عَن الْحَائِض) الشرح: أي أن الحائض لا يجب عليها الصلاة لا في الحال أداءً ولا قضاءً؛ والدليل على ذلك: ما رواه البخاري ومسلم "أَن مُعَاذَة سَأَلْت عَائِشَة م مَا بَال الْحَائِض تَقْضِي الْصَّوْم وَلَا تَقْضِي الصَّلَاة قَال: أَحَرُورِيّةٍ أَنْت كَانَت يُصِيْبَنَا ذَلِك عَلَى عَهْد الْنَّبِي r فَلَم نَكُن نَقْضِي الصَّلَاة وَكُنَّا نَقْضِي الْصَّوْم" وفي رواية "فَنُؤْمَر بِقَضَاء الْصَّوْم وَلَا نُؤْمَر بِقَضَاء الصَّلَاة".

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015