ثم يا إخوة قد تألَّف رسول الله صلى الله عليه وسلم قلوب بعض الكفار لما كانوا سادة في قومهم ولم يكونوا من المعاندين الذين يكربون مطايا الأهواء، وفتح الله للدعوة بذلك التألف فتحا، فكيف بمبتدعة أهل القبلة ممن يرجى قبولهم للحق؟؟ لا يقولن قائل في جواب هذا الكلام إن المبتدعة خطرهم أعظم على المسلمين من الكفار، فإن المبتدع الذي عنده أصل التوحيد وهو لا يدعو إلي بدعته ويزعم أنه مستعد لقبول الحق بدليله، هذا لا يستوي بالكافر الأصلي الذي قامت عليه حجة الحق مرارا ولا يزال مصرا على كفره! هذه قسمة ظيزي لا يقول بها عاقل!

ولا يستوي من هو رأس في البدعة بمن هو ذيل فيها!

/// فجماع الأمر وضابطه أن يقال إن الهجر منوط بالمصلحة الشرعية، لا للمبتدع نفسه فحسب، ولكن لمن يجالسه ولغيرهما ممن حولهما من الناس!

/// لا يقال إن الأصل الهجر، ولا إن الأصل المجالسة!

الأصل أن فلانا من أهل القبلة له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، فإن تلبس بالبدعة نُظر في أمره، فإنه يناصح أولا على أساس من إحسان الظن به - استصحابا للأصل - ويسلك كلامه في أحسن المحامل ما أمكن بحسب حاله هل هو من أهل الخير - بالجملة - أم من أهل الفسق واللهو والهوى .. ثم ينظر في استجابته للنصح - بحسب منزلة من ينظاره وينصحه كذلك، فليس كل من يخاطبه وينصحه ثم لا يقبل نصيحته يقال إنه كفى في إقامة الحجة عليه، فقيام الحجة أمر دقيق له ضوابطه - هل يلزم بعد ذلك تعزيره أو زجره، أو هل يلزم معه تنفير المسلمين منه ومخالفة الأصل في حقه؟ والموضوع فيه تدرج، آخر مراتبه أن يحكم بقطعه من الأمة سواء بالنفي أو بالهجر المطلق أو بغير ذلك مما ترجح به المصلحة الشرعية!

وهذا أمر خاضع - كله بسائر ضوابطه ودقائقه - للاجتهاد من أهل النظر، وقد يختلف النظار من أهل السنة في بعض أعيان من رموا بالبدعة، فتجد منهم من يرى وجوب هجره مطلقا، ومن يخالف في ذلك إذ ما زال يرجو الخير من مجالسته وتأليف قلبه، ولا يخشى على العوام الفتنة بذلك .. فالأمر يتسع في بعض الأحيان للاجتهاد والخلاف ولا يلحق الطعن عند حدث من طلبة العلم بفلان من العلماء أو طلبة العلم لأنه لم يقل بقول شيخه في إخراج فلان من أهل السنة وتحريم مجالسته مطلقا!! هذا من البغي والجهالة .. ووالله ما تمزق أهل السنة في زماننا هذا كل ممزق إلا بسبب غلو بعض الصغار في تجريحات مشايخهم لمن جرحوهم، وحملهم لها - ولما يظنونه يوافقها بإطلاق من نصوص السلف - محمل الوحي المنزل من السماء، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله!!

/// فالقصد أيها الإخوة أن نتروى وننظر إلى لوازم الأمر بهجر رجل من أهل القبلة نظر من يتقي الله في المسلمين .. ونترك الأمر لأهله .. والله أعلى وأعلم.

أسأل الله أن يرزقنا وإياكم حسن الفهم،

ـ[أسامة]ــــــــ[01 - Mar-2010, مساء 07:14]ـ

الشيخ الهمام أبو الفداء ...

أحسنت وأجدت ... حفظك الله ورفع شأنك.

ـ[صهيب الجواري]ــــــــ[08 - Mar-2010, مساء 04:17]ـ

سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى: عن حكم هجر المسلم؟

فأجاب فضيلته: هجر المسلم في الأصل حرام، بل من كبائر الذنوب إذا زاد على ثلاثة أيام، فقد صح عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة، يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام». متفق عليه.

وروى أبو داود والنسائي بإسناده قال المنذري: إنه على شرط البخاري وسلم: «فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار».

ومن المعلوم أن المسلم لا يخرج عن الإسلام بالمعاصي وإن عظمت، ما لم تكن كفرا، وعلى هذا فلا يحل هجر أصحاب المعاصي، إلا أن يكون في هجرهم مصلحة بإقلاعهم عنها، وردع غيرهم عنها؛ لأن المسلم العاصي ولو كانت معصيته كبيرة أخ لك؛ فيدخل في قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ... "

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015