ومن الأدلة على أن العاصي أخ للمطيع، وإن عظمت معصيته قوله تعالى فيمن قتل مؤمنا عمدا: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}. فجعل الله القاتل عمدا أخا للمقتول، مع أن القتل -قتل المؤمن عمدا- من أعظم الكبائر، وقوله تعالى في الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} , إلى قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}. فلم يخرج الله الطائفتين المقتتلتين من الإيمان، ولا من الأخوة الإيمانية.

فإن كان في الهجر مصلحة، أو زوال مفسدة، بحيث يكون رادعا لغيرالعاصي عن المعصية أو موجبا، لإقلاع العاصي عن معصيته كان الهجر حينئذ جائزا، بل مطلوبا طلبا لازما، أو مرغبا فيه، حسب عظم المعصية التي هجر من أجلها، ودليل ذلك قصة كعب بن مالك وصاحبيه -رضي الله عنهم- وهم الثلاثة الذين خلفوا؛ فقد أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهجرهم، ونهى عن تكليمهم، فاجتنبهم الناس، حتى إن كعبا -رضي الله عنه-دخل على ابن عمه أبي قتادة -رضي الله عنه- وهو أحب الناس إليه، فسلم عليه فلم يرد عليه السلام، فصار بهذا الهجر من المصلحة العظيمة لهؤلاء الثلاثة من الرجوع إلى الله -عز وجل-، والتوبة النصوح والابتلاء العظيم، ولغيرهم من المسلمين ما ترجحت به مصلحة الهجر على مصلحة الوصل.

أما اليوم، فإن كثيرا من أهل المعاصي لا يزيدهم الهجر إلا مكابرة وتماديا في معصيتهم، ونفورا وتنفيرا عن أهل العلم والإيمان؛ فلا يكون في هجرهم فائدة لهم ولا لغيرهم.

وعلى هذا فنقول: إن الهجر دواء يستعمل حيث كان فيه الشفاء، وأما إذا لم يكن فيه شفاء أو كان فيه إشفاء، وهو الهلاك فلا يستعمل.

فأحوال الهجر ثلاث:

إما أن تترجح مصلحته فيكون مطلوبا.

وإما أن تترجح مفسدته فينهى عنه بلا شك.

وإما أن لا يترجح هذا ولا هذا، فالأقرب النهي عنه؛ لعموم قول النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة».

أما الكفار المرتدون فيجب هجرهم والبعد عنهم، وأن لا يجالسوا ولا يواكلوا، إذا قام الإنسان بنصحهم ودعوتهم إلى الرجوع إلى الإسلام فأبوا، وذلك لأن المرتد لا يقر على ردته، بل يدعى إلى الرجوع إلى ما خرج منه، فإن أبى وجب قتله، وإذا قتل على ردته، فإنه لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن مع المسلمين، وإنما يرمى بثيابه، ورجس دمه في حفرة بعيدا عن المقابر الإسلامية في مكان غير مملوك.

وأما الكفار غير المرتدين فلهم حق القرابة إن كانوا من ذوي القربى، كما قال تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}، وقال في الأبوين الكافرين المشركين: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}.

مجموع فتاوى الشيخ / رقم السؤال 358. وفي نفس السؤال سئل عن المولاة والمعاداة لكني نقلت فقط ما يخص موضوع هجر المسلم.

ـ[الحضرمي2007]ــــــــ[16 - Mar-2010, مساء 07:17]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

أخواني المشايخ الفضلاء وطلاب العلم وأخص منهم الفاضل عدانا البخاري وفقكمالله آمين

أنقل لكم كلا لبعض الدكاترة الفضلاء الشيخ عبدالله البخاري حول قضية هجر المبتدع والمقاصد الشرعية العتبرة من هجر المبتدع أرجوا الننظر فيها والتدارس حوله فقد اشكل علي إلا إذا كنتم لاترون في تقريره أي أشكال وهاكم كلامه من محاضرة بعنوان الهجر وفق الكتاب والسنة وهاكم كلامه: ((توجيه كلام ابن تيمية في الهجر:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015