فهل العامي يأمن على نفسه الفتنة بذلك المبتدع؟ وهل له أن يقدر ذلك؟ تأملوا يا إخوان جواب هذا السؤال في حال السلف الذين كان يقول أحدهم ولا نصف كلمة! ولله كم غرر بعامي سليم الفطرة، حتى ترفض من تفرفض يوم شرع له باب صلة المبتدعة.

ثم إن هو أمن وكان طالب علم راسخ فهل يأمن افتتان العامة به وتقليدهم له وتسويغهم الاتصال بفعله، فقد لاتكون مصلحة عائدة على المهجور ولا مفسدة راجعة إلى الهاجر إن هو ترك الهجرة لكن متعلقة بعموم الناس.

أما إن كان عموم الناس على بدعة المهجور فسقطت مصلحة هجره مراعاة لهم، فإن كان الهاجر ليس ممن ينزجر بهجره المبتدع سقطت هذه أيضاً، فإن كان طالب علم يستطيع أن يؤثر ويغير سقطت الثالثة أيضاً -أعني خوفه على نفسه التأثر ببدعته-وتوجه أن يصل المبتدع ليدعوه ويصلح من شأنه.

وهذا قد يتصور في غير الدول التي تظهر فيها السنة، فأهل الفضل في كثير منها ضعفاء لا يزجر هجر مثلهم، ولا يلتفت إليهم الناس، ثم هم إن خالطوا قد يؤثر الراسخون منهم.

ثم بعد ذلك تبقى أمور قابلة للاجتهاد مقتضية لترك الهجر والصلة من بعض الناس لمقتض خاص بهم، وهذه ليست محل نقاش هنا.

الشاهد أن تقدير المصلحة له ملابسات كثيرة.

بل من جعل في ظاهر كلامه أن مناط الهجر هو إصلاح المهجور فقط قال:

"الموازنة بين: صلاح المبتدع وعصيانه (من غير وجه البدعة)، وبدعتِه غلظةً وخِفّةً، ودرجة إعذاره، وإن كان له إفسادٌ ببدعته (دعوةً أو قتالًا عليها) أو ليس له إفساد ببدعته = فالموازنة بين هذه الأمور الأربعة، مع ما يثبتُ للمبتدع غير المكفَّر (أي المسلم) من حق الإسلام العام، هي الوسيلة الدقيقة والعميقة والعادلة لمعرفة منهج التعامل مع صاحب البدعة المعيَّن. وهذا مما لا يستطيع تنزيلَه على الأعيان جميعُ الناس، بل لا يقدر على تحقيقه إلا العلماءُ الراسخون المحرِّرون".

فكيف إذا تبين أن مقتضِي الهجر ليس هو إصلاح المهجور فقط بل هذا مقتضيات ينفر كل واحد منها بتسويغ الهجر فكيف إذا اجتمعت.

ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[04 - Jul-2007, مساء 02:20]ـ

بارك الله فيك ... بل المصلحة حاصلة لكل ما ذكرت، وهذه المصلحة قد ينتفي وجودها مع الأمن في هذه الثلاث.

ـ[أبو أيوب]ــــــــ[05 - صلى الله عليه وسلمug-2007, مساء 01:20]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أخي عدنان البخاري، فما نفع الأمة غير السعة والسماحة دون تفريط وتساهل، وما أحوج الناس إلى مثل هذه المفاهيم.

ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[29 - صلى الله عليه وسلمug-2007, مساء 11:38]ـ

تتمَّة وفائدة: حرمة التَّهاجر لأجل المعلِّمين أوالشُّيوخ فقط:

/// قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله [كما في مجموع الفتاوى 28/ 14 - 16]: "وليس لأحدٍ أنْ يُعَاقِبَ أحدًا على غير ظُلْمٍ ولاتعدِّي حدٍّ، ولا تضييع حقٍّ، بل لأجل هَوَاه؛ فإنَّ هذا من الظُّلم الذي حرَّم الله ورسوله، فقد قال تعالى -فيما روى عنه نبيه-: ((يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)).

وَإذَا جَنَى شخصٌ فلا يجوز أن يُعَاقَب بغير العقوبة الشَّرعيَّة.

وليس لأحدٍ من المتعلِّمِين والأستاذين أن يعاقبه بما يشاء، وليس لأحدٍ أن يعاونه ولا يوافقه على ذلك، مثل أن يأمر بهجر شخصٍ فيهجره بغير ذنبٍ شرعيٍ، أو يقول: أقعدته، أو أهدرته، أو نحو ذلك؛ فإنَّ هذا من جِنْس ما يفعله القَسَاوسة والرُّهبان مع النَّصارى، والحزَّابون مع اليهود، ومن جِنْس ما يفعله أئمَّة الضَّلالة والغِواية مع أتباعهم ...

فإذا كان المعلِّمُ أو الأُستاذ قد أَمَر بهجر شخصٍ، أو بإهداره، وإسقاطه وإبعاده ونحو ذلك =نَظَرَ فيه؛ فإن كان قد فَعَلَ ذنبًا شرعيًّا عُوْقِبَ بقدر ذَنْبِهِ، بلا زيادةٍ، وإنْ لم يكن أذْنَبَ ذنبًا شرعيًّا لم يجز أنْ يعاقب بشيءٍ لأجل غرض المعلِّم، أوغيره.

وليس للمعلِّمين أن يحزِّبُوا النَّاس، ويفعلوا ما يُلْقِي بينهم العَدَاوة والبغضاء؛ بل يكونون مثل الأخوة المتعاونين على الِبِّر والتَّقوى، كما قال تعالى: ((وتعاونوا على البِرِّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)).

وليس لأحدٍ منهم أن يأخذ على أحدٍ عهدًا بموا فقتة على كُلِّ ما يريده، وموالاة من يواليه، ومعاداة من يعاديه؛ بل مَنْ فَعَلَ هذا كان من جِنْسِ جنكزخان وأمثاله، الذين يجعلون من وافقهم صديقًا مواليًا، ومن خالفهم عدوًّا باغيًا.

بل عليهم وعلى أتباعهم عهدُ الله ورسولُه؛ بأنْ يطيعوا الله ورسوله، ويفعلوا ما أمر الله به ورسوله، ويحرِّموا ما حرَّم الله ورسوله، ويرْعَوا حقوق المعلِّمين كما أمر الله ورسوله.

فإنْ كان أستاذٌ أحدٍ مظلومًا نصَرَه، وإن كان ظالمًا لم يعاونه على الظُّلم، بل يمنعه من ذلك؛ كما ثبت فى الصَّحيح عن النَّبيِّ (ص) أنَّه قال: ((انصُرْ أخاك ظالمًا أو مظلومًا، قيل: يا رسول الله أنصره مظلومًا، فكيف انصرُه ظالمًا؟ قال: تمنعه من الظلم، فذلك نصرك إياه)).

وإذا وَقَعَ بين معلِّمٍ ومعلِّمٍ، أو تلميذٍ وتلميذٍ، أو معلِّمٍ وتلميذٍ خصومةٌ ومشاجرةٌ لم يجز لأحدٍ أنْ يُعِيْن أحدهما حتى يعلم الحقَّ، فلا يعادونه بجهلٍ ولا بهوىً، بل ينظر فى الأمر، فإذا تبيَّن له الحقُّ أعان المُحِقَّ منهما على المُبْطِل، سواء كان المُحِقُّ من أصحابه أو أصحاب غيره، وسواء كان المُبْطِل من أصحابه أو أصحاب غيرِهِ، فيكون المقصود عبادة الله وحده، وطاعة رسوله، واتِّبَاع الحق، والقيام بالقسط ... ".

/// الأخ الكريم أبوأيوب ... وفقه الله وبارك فيه

جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015