فما الفائدة من التعليم فهو والجاهل سواء، إن لم يكن الجاهل خيراً منه، ولهذا احثكم على إفشاء السلام لفوائدة العظيمة، وهو لايضر، لأنه عمل اللسان، واللسان لو يعمل من الصباح إلى الغروب ما كلَّ ولا ملَّ فنسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق والعصمة والتوبة إنه على كل شئ قدير. [شرح رياض الصالحين (4/ 219 - 220)]
4 - وقال رحمه الله في موضع آخر: فكل مؤمن وإن كان فاسقاً فإنه يحرم هجره ما لم يكن في الهجر مصلحة، فإذا كان في الهجر مصلحة هجرناه، لأن الهجر حينئذ دواء، أما إذا لم يكن فيه مصلحة أو كان فيه زيادة في المعصية والعتو، فإن مالا مصلحة فيه تركه هو المصلحة. فإن قال قائل: يرد على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم هجر كعب بن مالك وصاحبيه الذين تخلفوا عن غزوة تبوك؟
فالجواب: أن هذا حصل مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر الصحابة بهجرهم، لأن في هجرهم فائدة عظيمة، فقد ازدادوا تمسكاً بما هم عليه حتى إن كعباً بن مالك رضي الله عنه جاءه كتاب من ملك غسان يقول فيه: بأنه سمع أن صاحبك يعني الرسول صلى الله عليه وسلم قد جفاك وأنك لست بدار هوان ولا مذلة فالحق بنا نواسك.
فقام كعب مع ما هو عليه من الضيق والشدة وأخذ الكتاب وذهب به وأحرقه في التنور فهؤلاء حصل في هجرهم مصلحة عظيمة، ثم النتيجة التي لا يعادلها نتيجة أن الله أنزل فيهم قرآناً يتلى إلى يوم القيامة قال تعالى (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم انفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم) (التوبة: 118). [مزيل الإلباس في الاحكام على الناس ص:252]
وسئل الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله عن ظاهرة الهجر المنتشرة هذه الأيام في أوساط طلاب العلم فقال: هذا غلط هذا من عمل الشيطان.
(مكالمة هاتفية مع الشيخ العباد في شريط مسجل).
أ. هـ
ـ[ياسين البحر]ــــــــ[27 - صلى الله عليه وسلمpr-2007, صباحاً 03:57]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[ابن عقيل]ــــــــ[28 - صلى الله عليه وسلمpr-2007, مساء 03:22]ـ
الشيخ البخاري وفقه الله
الهجر الشرعي سنة نبوية وسنة راشدة
وأصلها على الوجوب أذا تحققت شروطها وأنتفت موانعها
ومن شروطها أن تكون جالبة لمصلحة شرعية ودافعة لمفسدة متيقنة ولذلك شرعت من لدن عزيز حكيم!!
وأما تقريرها وتطبيقها يكون من ولاة الأمر وهم الأمراء والعلماء
والناس تبعاً لهم في ذلك ومن الناس طلبة العلم
فقولك حفظك الله بأن الهجر منوط بالمصلحة الشرعية فقط فيه نظر
لأن موهم لمن قل فقه بأن الهجر يشرع للمصلحة فقط!!
وليس كذلك فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كذلك منوط بالمصلحة الشرعية , فهل يعرض الأمر هكذا!!؟
ولكن الواجب أن نقول أن الهجر الشرعي للمبتدعة واجب متحتم وبعد ذلك يُنظر في شروطه وموانعه وحالاته, والله أعلم
ـ[أبو عمر الكناني]ــــــــ[28 - صلى الله عليه وسلمpr-2007, مساء 09:52]ـ
هذا العنوان لا يُفهم منه حكم، فكلّ الأحكام الشرعية نحن نوقن أنها منوطة بالمصلحة.
لكن المصلحة نوعان:
نوع متحقق بالحكم الشرعي الثابت بالنص أو الإجماع، فالمصلحة هي الحكم الشرعي حتى لو كان في نظرنا غير ذلك، ولهذا ينص الأئمة أنّ النّظر المصلحي إنّما يسوغ حين يغيب النص، فيكون للعقل حينئذ مجال للعمل والنظر للبحث عن المصلحة.
ونوع آخر لم يرد فيه التنصيص وإنما وردت الوقائع التي تشبه المسألة، فإن اطرد الحكم فيها فهو قاعدة وحكم ثابت، وإن اختلف الحكم من واقعة لأخرى عرفنا أن الحكم فيها لا يطرد، وهذا هو الذي يصح أن نقول فيه إنه تابع للمصلحة.
وبعد ذلك نرجع لنرى هل الهجر أصل وحكم شرعي ثابت أم لا؟
لاشكّ أنّ الأصل أن هجر المسلم حرام.
كما أنه لاشكّ أنّ مخالطة الفاسق العاصي حرام أيضاً بالنص.
والمبتدع أشدّ خطراً.
فالنص الثابت جاء بتحريم مخالطة المبتدع والفاسق، فهو أصل مُستثنى من أصل آخر، فالمسلم إذا ابتدع أو جاهر بالمعصية لم يعد هو المسلم المطلق الذي قال فيه النّبيّ صلّى الله عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) بل اكتسب بالبدعة والمجاهرة بالمعصية قيداً ألحقه بالأصل الآخر وهو الهجر ..
فإذا كان كذلك عرفنا أنّ الهجر في ذاته مصلحة مطلوبة شرعاً لحكم عديدة: منها تعزير المخالف، وهذا في حق كل مخالف، ويزيد المبتدع حكمة أخرى وهي تحذير الناس منه لأنه ضرره لا يتميّز مثل العاصي الفاسق، فكان هجر الناس له اجتناباً لمصدر مشبوه وعكِر ..
وفي مثل هذا المبتدع لا يصح إطلاق مثل العنوان الذي جاء به الأخ عدنان لأنّ في هذا خلخلة للأصل وهو هجر المبتدع.
صحيح أنّ تطبيق حكم الهجر على المبتدع قد يتخلّف لمصلحة راجحة، لكن هذا استثناء من أصل، فلا يسوغ مساواة الاستثناء بالأصل لأنه تهوين من شأنه، كمن يقول: قول الصدق منوط بالمصلحة، معللاً قوله بأن الشرع أجاز الكذب في مواطن ..
وكمن يقول هذه الأيام: تطبيق الحدود الشرعية منوط بالمصلحة، وكمن يقول: تحكيم الشريعة منوط بالمصلحة، فملّ هذا صحيح في ذاته، لكنه يلبّس على الناس أصلهم ودينهم إذ يتخذه البعض حجّةً للتحلّل من هذا الحكم أو ذاك بذريعة المصلحة وهو ما نراه هذه الأيام للأسف الشديد في كثير من جوانب الشريعة ومنها أصل هجر المبتدع ..
ولهذا نجد كلمات السلف عامّة بلا قيد .. وإنما تأتي القيود المصلحية في وقائع الأعيان، فليس من الفقه اتخاذ بعض الوقائع التي يُراعى فيها جانب المصلحة والمفسدة حجة لضرب الأصل والتنكر له كأصل ..
والله أعلم وأحكم.
¥