وهذه بعض كلمات أهل العلم التي تفيد أن الهجر يقوم على المصلحة والمفسدة أنقلها لكم:

1 - قال شيخ الإسلام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله:جواباً على سؤال وجه إليه عن طريقة النصيحة لمن يجاهر بالمعاصي فقال رحمه الله: .... فأنت أيها السائل ما دمت نصحته ووجهته إلى الخير ولكنه ما زاده ذلك إلا إظهاراً للمعصية فينبغي لك هجره وعدم اتخاذه صاحباً، وينبغي لك أن تشجع غيرك من الذين قد يؤثرون عليه وقد يحترمهم أكثر على نصيحته ودعوته إلى الله لعل الله أن ينفع بذلك، وإن رأيت أن الهجر يزيده شراً وأن اتصالك به أنفع له في دينه وأقل لشره فلا تهجره، لأن الهجر يقصد منه العلاج فهو دواء، فإذا كان لا ينفع بل يزيد الداء داءً فأنت تعمل ما هو الأصلح من الإتصال به وتكرار النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير اتخاذه صاحباً ولا خليلاً لعل الله أن ينفع بذلك وهذا هو أحسن ما قيل في هذا من كلام أهل العلم رحمهم الله.

[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 5/ 343 - 344)]

2 - وقال الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله: ... كثيراً ما نسأل فلان صاحب لنا وصديق لنا لكنه لايصلي ويدخن، وهكذا هل نقاطعه؟ أقول له: لا تقاطعه، لأن مقاطعتك له لا تغيره، ويظل في ضلاله، وأذكر بالمناسبة مثلاً شامياً خلاصته أنه كان هناك رجل فاسق تارك للصلاة ثم تاب وذهب ليصلي أول صلاة في المسجد بعد التوبة، وإذا به يجد باب المسجد مغلقاً فقال له: (أنت مسكر وأنا مبطل)! هذه الصحبة لا أريدها، لأن صحبة الصالح للطالح مبنية على صلاحه، وهذا الطالح لا يرديه، فإذا قاطعه الصالح فقد حقق له ما يريده، لذلك فالمقاطعة وسيلة شرعية يراد بها تحقيق مصلحة مشروعة وهي تأديب المهاجر أي: المقاطع، فإذا كانت المقاطعة لا تؤدبه بل تزيده ضلالاً على ضلاله فحينئذ لا تجب المقاطعة.

ولذلك نحن اليوم لا نتشبت بالوسائل التي كان يتعاطاها السلف، لأنهم كانوا ينطلقون بها من موقف القوة، واليوم المسلمون ضعفاء في كل شئ ليس فقط الحكومات بل الأفراد، والأمر كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء قالوا منهم يا رسول الله؟ قال: ناس صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم) رواه مسلم

(145) فلو نحن فتحنا باب المقاطعة والهجر والتبديع لفعلنا ما يخالف المصلحة الشرعية، فلذك نؤثر سياسة (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (النحل: 125). [شريط من هو الكافر؟ وما هي البدعة المكفرة] [ومزيل الإلباس في الأحكام على الناس (ص:244)].

3 - وقال الشيخ العلامة الفقيه المفسر محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ... فإذا كان في الهجر من فعل معصية لترك واجب أو فعل محرم فائدة فإنه يهجر حتى تتحقق الفائدة، وأما من كان هجره لا يفيد شيئاً بل لا يزيد الأمر إلا شدة وإلا بعداً عن أهل الخير فلا يهجر، لأن الشرع جاء بالمصالح وليس بالمفاسد، فإذا علمنا أننا لو هجرنا هذا العاصي لم يزدد إلا شراً وكراهة لنا وكراهة ما معنا من الخير، فإننا لا نهجره، نسلم عليه ونرد عليه السلام لأنه وإن عصى الله، والمؤمن لا يهجر فوق ثلاث، هذا هو الحكم فيما يتعلق بالهجر، وفي النهاية يسوءني أن أحد المسلمين اليوم يمر بعضهم ببعض لا يسلم أحدهم على الآخر، يتلاقيان يضرب كتف أحدهما كتف الآخر لا يسلم عليه وكأنما مر بجيفة أو يهودي أو نصراني، مع أنهم أخوه، ومع هذا إذا سلم عليه ماذا يستفيد؟ عشر حسنات نقداً، إيمان، محبة، ألفة، دخول الجنة.قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشئ إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) فبين أن إفشاء السلام من أسباب المحبة من الإيمان والإيمان سبب لدخول الجنة، ويؤسفنا جداً أن نرى مسلمين يلتقي بعضهم ببعض ولا يسلم، بل ربما كانا أخوين زميلين في الدراسة، سواء في دراسة المسجد أو في دراسة الكلية أو المعهد أو المدارس الأخرى، لا يسلم بعضهم على بعض إذاً ما فائدة العلم؟ ما فائدة طلب العلم؟ إذا لم يتربَّ طالب العلم بالتربية الحسنة التي دل عليها الكتاب والسنة، وكان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015