ومع أن البخاري نقل في ترجمة جميل ما يثبت بأنه ما رأى ابن عمر ولا سمعه إلا أنه صدر الترجمة بعبارة: "سمع ابن عمر"، وقد قال ابن حبان – في ترجمة جميل بن زيد –: (يروي عن ابن عمر ولم يره، روى عنه الثوري، دخل المدينة فجمع أحاديث ابن عمر بعد موت ابن عمر ثم رجع إلى البصرة ورواها عنه)، وقد قال ابن معين: (جميل بن زيد يروي عن ابن عمر – ليس بثقة).
ويحق لنا أن نتساءل: لماذا يقول البخاري "سمع" مع علمه بأنه لم يسمع؟.
ويظهر لي أنه من الممكن الإجابة على هذا الإشكال بمايلي:
1 - إن البخاري لشدة اهتمامه بالفحص عن سماع الرواة التزم أن يُصدر كل ترجمة بصيغة الأداء التي بلغته ووصلت إليه، فتراه تارة يقول في بعض التراجم مثلاً: (عبد الرحمن بن الأسود العنسي أن عمر رضي الله عنه، روى عنه أبو بكر بن أبي مريم)، وتراه تارة يقول في بعض التراجم مثلاً: (عبد الرحمن بن أيمن المخزومي المكي، رأى أبا سعيد رضي الله عنه) وكثيرًا ما تراه – رحمه الله تعالى – يُصدر تراجم الرواة بصيغتي الأداء "سمع"، و "عن".
فلما كان قد ذكر في بعض الأسانيد التي وصلت للبخاري – رحمه الله تعالى- أن زياد بن ميمون قال حدثنا فيما رواه عن انس – رضي الله عنه -، وكلك جميل بن زيد قال حدثنا ابن عمر – رضي الله عنهما – كما في رواية إسماعيل بن زكريا عن جميل بن زيد فقد قال البخاري: (وقال إسماعيل بن زكريا حدثنا جميل ثنا ابن عمر ... )؛ لعل البخاري رأى من الأفضل أن يذكر السماع حتى لا يعترض عليه البعض بأنه قد فاته ذكر السماع مع وروده.
2 - إن البخاري بين وبجلاء بطلان صحة السماع المذكور بنقله ما ينص على الصواب، فأبرأ ذمته من أي تبعة أو تناقض لأنه نبه على الخطأ وأوضح الراجح والصحيح بما نقله، كما يظهر مما تقدم في ترجمتي زيادة بن ميمون، وجميل بن زيد.
والذي يترجح لدي أن البخاري – رحمه الله تعالى – صنع ما صنع في بعض التراجم من ذكر السماع ثم نقل ما يدل على نفيه حتى يسلم من النقد والاستدراك.
بحث عمرو عبدالمنعم سليم
قال في حاشيته على نزهة النظر (ص57):
على أن ما ذكره البخاري -رحمه الله-في تراجم الرواة من تاريخه من سماعهم من بعض من رووا عنهم، أو مجرد رواياتهم عنهم دون إثبات سماع؛ إنما هو مجرد حكاية سند الرواية، وليس كما يظن البعض أنه إذا قال في تاريخه فلان سمع من فلان، أنه يُثبت له السماع، وإذا قال: روى عن فلان، أنه لم يصح له سماع منه عنده.
وقد كنت منذ زمن أذهب هذا المذهب، وأقول بهذا القول، حتى تبين لي خلاف ذلك، ففي ترجمة عبيد بن آدم من التاريخ الكبير (1/ 3/441) قال: «سمع عمر وأباهريرة -رضي الله عنهما-، روى عنه عيسى بن سنان».
قلت: رواية عبيد بن آدم عن عمر -رضي الله عنه- أخرجها أحمد في مسنده (1/ 38): حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي سنان، عن عبيد بن آدم، قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول لكعب: أين ترى أن أصلي ... فذكر الحديث.
قلت: وهذا الإسناد منكر، فأبو سنان -وهو عيسى بن سنان- ضعيف الحديث، ولاشك أن إثبات سماع راو من راو يلزم له أن يرد بإسناد صحيح، وهذا منتفٍ في هذا الإسناد، والله أعلم.
بحث أحد الباحثين من أعضاء ملتقى أهل الحديث (ابن وهب)
قال:
مثال:
قال البخاري -رحمه الله
(1373) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أبو الوليد ويقال أبو خالد له كنيتان المكي مولى بن أمية خالد القرشي قال أحمد عن يحيى بن سعيد مات سنة خمسين ومائة سمع طاوسا ومجاهدا وعطاء سمع منه الثوري ويحيى بن سعيد الأنصاري قال يحيى لم يكن أحد أثبت في نافع من بن جريج وكان من أحسن الناس صلاة وقال ا بن جريج أخذت أحاديث صفية بنت شيبة وأردت أن أدخل عليها قال علي مات سنة سبع وأربعين وكان جاز السبعين قال ا بن معين هو مولى لآل خالد بن أسيد أصله رومي)
هل البخاري هنا يثبت سماع ابن جريج من طاوس؟
قد يقال ولكن البخاري أخرج حديث من رواية ابن جريج عن طاوس
فالجواب
(أخرجه مقرونا)
قال ابن حجر - رحمه الله
¥