وقد دلّ القرآن على تكفيره للذنوب في قوله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا إذا قُمْتُم إلى الصلاةِ فاغسِلوا وُجوهَكم وأيديَكم إلى المرافقِ وامسحوا برؤوسِكُمْ وأرجُلَكُمْ إلى الكعبين إلى قوله تعالى ما يُريدُ الله ليجعلَ عليكم من حَرَجٍ ولكن يُريدُ ليُطَهِّرَكم وليُتِمَّ نعمتَهُ عليكُم
وقوله تعالى- ليُطَهِّركُم – وهذا المعنى يشمل طهارة ظاهر البدن بالماء، وطهارة الباطن من الذنوب والخطايا، وإتمام النعمة إنما يحصل بمغفرة الذنوب والخطايا وتكفيرها، كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ليغفرَ لك الله ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر ويُتِمَّ نعمتَه عليك.
و هذا المعنى استنبطه محمد بن كعب القرظي رحمه الله، ويشهد له الحديث الذي رواه الترمذي رحمه الله من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يدعو، يقول: اللهم إني أسألك تمام النعمة. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أتدري ما تمام النعمة؟. قال: دعوةٌ دعوت بها، أرجو بها الخير. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن تمام النعمة: النجاة من النار، ودخول الجنة.
ولا تتم نعمة الله عزوجل على عبده إلا بتكفير سيئاته.
وهناك احاديث كثيرة تحث عليها لتكفر عنه خطاياه بالوضوء , منها ما في صحيح مسلم أنّ عثمان رضي الله عنه أنه توضأ ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وضوئي هذا ثم قال: من توضأ هكذا غُفر له ما تقدم من ذنبه وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة.
وفيه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره.
وفيه أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يديه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب.
وفيه أيضاً عن عمرو بن عنبسة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: ما منكم من رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرّت خطاياه وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذي هو له أهل وفرّغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه.
وفي الموطأ ومسند الإمام أحمد وسنن النسائي وابن ماجة رحمهم الله من الصُّنابحيّ رضي الله عنه قال, أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا توضأ العبد المؤمن فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة له. (ومعنى نافلة أي زيادة في الأجر)
وفي المسند عن أبي أمامة رضي الله عنه قال , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يتوضأ فيغسل يديه ويمضمض فاه ويتوضأ كما أمر إلا حطّ الله عنه ما أصاب يومئذ: ما نطق به فمه، وما مس بيده، وما مشى إليه، حتى إن الخطايا تحاذر من أطرافه، ثم هو إذا مشى إلى المسجد فرجل تكتب حسنة، وأخرى تمحو سيئة.
وفيه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم, انه قال: أيما رجل قام إلى وضوئه يريد الصلاة ثم غسل كفيه، نزلت خطيئته من كفيه مع أول قطرة، فإذا مضمض واستنشق واستنثر نزلت خطيئته من لسانه وشفتيه مع أول قطرة، فإذا غسل وجهه نزلت خطيئته من سمعه وبصره مع أول قطرة، فإذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سلم من كل ذنب هو له، وكان من لك خطيئة كهيئته يوم ولدته أمه، فإذا قام إلى الصلاة رفع الله بها درجته، وإن قعد قعد سالماً.
¥