ـ[علي سليم]ــــــــ[10 - Mar-2007, مساء 11:30]ـ
تَزْكِيَةُ النَفْسِ بِمَا فِي سُورَةِ ((يُوسُف)) مِنَ الفَرَحِ وَ البُؤسِ \الاية 4 \
------------------------------------------------------------ --------------------
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد آن محمدا عبده ورسوله.
} يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ {
} يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا {
} يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا {
أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
اما بعد:
كلما اقتربنا من شواطئ سورة يوسف كلما وجدنا البؤس و الحزن و تبدأ رحلة الحزن هذه برؤيا ظاهرها العلوّ و الرفعة و باطنها ملك ووزارة ....
و كان حذر الوالد لهذه الرؤيا في غاية الحذر بحيث اعتمد عليها و اتكأ على عصا الصبر الجميل ....
و من هنا بدأت الحكاية المأساوية الحزينة و لتكن سلوى كل مصاب مُبعد عن ارضه ووطنه و اهله ...
و من هنا بدأت الرفعة و التمكين فالعبد لله و الارض لله فيختارسبحانه من يشاء على من يشاء و لمن شاء سبحانه في علاه ...
إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)
قال الولد لوالده ... و الولد سرّ ابيه ... فهو له اب و صديق و معين, و نِعم الابناء كمثل يوسف و نِعم الاباء كمثل يعقوب ....
فليس هناك حاجزا يمنع الولد ان يحدّث والده بما رآه ليلا او بما ارتكبه نهارا ... كما انه لا حاجز امام الوالد ان يسمع و يرعى نطق ولده .... فلتكن التربية كهذه و الا فلا تربية!!!!
فعندما كان الاباء بمثابة الجبابرة و الملوك و الابناء بمهانة الخدم و العبيد كانت الاسرار تدبّ خارج البيوت و تعود باملاء السّفيه ...
إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ .... و الذين قالوا لاباءهم في القرآن نبيّان اثنان و شتان بين القولين و المقول له ....
اولاهما هذه ((إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ ... ))
و الاخرى (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) ...
الولد ينصح ابيه و الاب في تيه و ضلال بيد يوسف يطلب النصح من ابيه هذا اولا ....
(يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43)
يكرر لفظة يا أَبَتِ ليُذَكّره بحق الابوة و عطف البنوة و علم النبوة و لكن لا حياة لمن مات قلبه ...
(يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) لم يعرف اليأس صلوات ربي و سلامه عليه, لم يُخرجه صمّ ابيه عن تكرار دعوته و توجيه سيرته .....
(يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)
لم ينتفع القلب الميّت عندما تُقارعه بالحجة و تبيان العلم, كما انه لا ينفعه عندما تبيّن له عدوّه و مكان قراره, و كذلك لا ينفعه الحنان و العطف و لو كانا في اعلى مقامهما!!!
¥