بذنبى وفى حديث أبي سعيد الحمد رأس الشكر و التوحيد كما جمع بينهما في أم القرآن فأولها تحميد و أوسطها توحيد و آخرها دعاء و كما في قوله هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين وفى حديث الموطأ أفضل ما قلت أنا و النبيون من قبلى لاإله إلا الله وحده لاشريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير من قالها كتب الله له الف حسنة و حط عنه ألف سيئة و كانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك و لم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل قال مثلها أو زاد عليه و من قال فى يوم مائة مرة سبحان الله و بحمده حطت خطاياه و لو كانت مثل زبد البحر

وفضائل هذه الكلمات فى أحاديث كثيره و فيها التوحيد و التحميد فقوله لا إإله إلا الله وحده لا شريك له توحيد و قوله له الملك و له الحمد تحميد و فيها معان أخرى شريفة وقد جاء الجمع بين التوحيد و التحميد و الاستغفار فى مواضع مثل حديث كفارة المجلس سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك فيه التسبيح و التحميد والتوحيد و الاستغفار من قالها فى مجلس إن كان مجلس لغط كانت كفارة له و إن كان مجلس ذكر كانت كالطابع له و فى حديث أيضا إن هذا يقال عقب الوضوء ففى الحديث الصحيح فى مسلم و غيره من حديث عقبة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء و في حديث آخر أنه يقول سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لاإله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك وقد روى عن طائفة من السلف فى الكلمات التى تلقاها آدم من ربه نحو هذه الكلمات روى ابن جرير عن مجاهد أنه قال اللهم لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي أنك خير الغافرين اللهم لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك رب إنى ظلمت نفسي فارحمني فأنت خير الراحمين لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك رب إني ظلمت نفسي فتب علي إنك انت التواب الرحيم فهذه الكلمات من جنس خاتمة الوضوء و خاتمة الوضوء فيها التسبيح و التحميد و التوحيد و الاستغفار فالتسبيح و التحميد و التوحيد لله فانه لا يأتي بالحسنات الا هو الاستغفار من ذنوب النفس التى منها تأتى السيئات وقد قرن الله فى كتابه بين التوحيد و الاستغفار فى غير موضع كقوله فاعلم انه لا إله إلا الله و استغفر لذنبك و للمؤمنين و المؤمنات و فى قوله أن لا تعبدوا الا الله اننى لكم منه نذير و بشير و أن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه و فى قوله قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله وا حد فاستقيموا إليه و استغفروه وفى حديث رواه ابن أبى عاصم و غيره يقول الشيطان أهلكت الناس بالذنوب و أهلكوني بالاستغفار وبلا إله إلا الله فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء فهم يذنبون لايستغفرون لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ولا إله إلا الله تقتضي الاخلاص و التوكل و الاخلاص يقتضي الشكر فهي أفضل الكلام و هي أعلى شعب الايمان كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال الايمان بضع وستون أو بضع و سبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من الايمان لاإله إلاالله هي قطب رحى الايمان و إليها يرجع الأمر كله والكتب المنزلة مجموعة في قوله تعالى إياك نعبد و إياك نستعين و هي معنى لا إله إلا الله ولا حول و لا قوة إلا بالله هي من معنى لا إله إلا الله والحمد لله فى معناها و سبحان الله و الله أكبر من معناها لكن فيها تفصيل بعد إجمال.

مجموع فتاوى ابن تيمية ج14/ص261 - 264

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015