وقوله وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله أي وآمركم بالإستغفار من الذنوب السالفة والتوبة منها إلى الله عز وجل فيما تستقبلونه وأن تستمروا على ذلك يمتعكم متاعا حسنا أي في الدنيا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله أي في الدار الآخرة قاله قتادة كقوله من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة الآية وقد جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسعد وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك وقال بن جرير حدثني المسيب بن شريك عن أبي بكر عن سعيد بن جبير عن بن مسعود رضي الله عنه في قوله ويؤت كل ذي فضل فضله قال من عمل سيئة كتبت عليه سيئة ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات ثم يقول هلك من غلب آحاده على أعشاره.
مجموع فتاوى ابن تيمية ج14/ص415 - 421
والمذنبون الذين رجحت سيئاتهم على حسناتهم فخفت موازينهم فاستحقوا النار من كان منهم من أهل لا إله إلا الله فإن النار تصيبه بذنوبه و يميته الله فى النار إماتة فتحرقه النار إلا موضع السجود ثم يخرجه الله من النار بالشفاعة و يدخله الجنة كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة فبين أن مدار الأمر كله على تحقيق كلمة الاخلاص و هي لا إله إلا الله لاعلى الشرك بالتعلق بالموتى و عبادتهم كما ظنه الجاهليون وهذا مبسوط فى غير هذا الموضع والمقصود هنا أن النبى صلى الله عليه و سلم كان يجمع بين الحمد الذي هو رأس الشكر و بين التوحيد و الاستغفار إذا رفع رأسه من الركوع فيقول ربنا و لك الحمد ملء السموات و ملء الأرض و ملء مابينهما وملء ماشئت من شيء بعد أهل الثناء و المجد أحق ما قال العبد و كلنا لك عبد لامانع لما أعطيت و لا معطى لما منعت و لا ينفع ذا الجد منك الجد ثم يقول اللهم طهرني بالثلج و البرد و الماء البارد اللهم طهرنى من الذنوب و الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس كما رواه مسلم في الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا رفع رأسه من الركوع قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات و ملء الأرض و ملء ماشئت من شيء بعد أهل الثناء و المجد أحق ما قال العبد و كلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت و لا معطى لما منعت و لا ينفع ذا الجد منك الجد وروى مسلم أيضا عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات و ملء الأرض وملء ماشئت من شيء بعد اللهم طهرنى بالثلج و البرد و الماء البارد اللهم طهرني من الذنوب و الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ و قد روى مسلم فى صحيحه أيضا عن النبى صلى الله عليه و سلم أنه كان يقول اللهم لك الحمد و قال و ملء الأرض و ملء ما بينهما ولم يذكر فى بعض الروايات لأن السموات و الأرض قد يراد بهما العلو و السفل مطلقا فيدخل فى ذلك الهواء و غيره فانه عال بالنسبة إلى ما تحته و سافل بالنسبة إلى ما فوقه فقد يجعل من السماء كما يجعل السحاب سماء و السقف سماء و كذا قال فى القرآن هو الذي خلق السموات و الأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش و لم يقل و ما بينهما كما يقول إن ربكم الله الذي خلق السموات و الأرض و ما بينهما فى ستة أيام ثم استوى على العرش مالكم من دونه من ولي و لا شفيع فتارة يذكر قوله و ما بينهما فيما خلقه فى ستة أيام و تارة لا يذكره و هو مراد فإن ذكره كان إيضاحا و بيانا و إن لم يذكره دخل في لفظ السموات و الأرض و لهذا كان النبى صلى الله عليه و سلم تارة يقول ملء السموات و ملء الأرض و لا يقول و ما بينهما و تارة يقول و ما بينهما و فيها كلها و ملء ما شئت من شيء بعد وفى رواية أبى سعيد أحق ما قال العبد إلى آخره و في رواية ابن أبي أوفى الدعاء بالطهارة من الذنوب ففي هذا الحمد رأس الشكر و الاستغفار فان ربنا غفور شكور فالحمد بازاء النعمة و الاستغفار بازاء الذنوب وذلك تصديق قوله تعالى ما أصابك من حسنة فمن الله و ما أصابك من سيئة فمن نفسك ففي سيد الاستغفار أبوء لك بنعمتك علي و أبوء
¥