البعض من الطلاب دائماً يسأل ويقول: ما هو الراجح في المسألة؟ فنقول: إن الترجيح من أي أحد إنما يكون ترجيحاً نسبياً، أي: أنه راجح عند فلان بالمقارنة بفلان، وليس راجحاً مطلقاً، يعني: لا يوجد أحد يعتبر أن رأي الشيخ فلان أياً كان هذا العالم الجليل الفاضل ألغى غيره من الآراء، فإن هذا الشيخ حسم المسألة لكن حسمها بالنسبة إلى اجتهاده هو، والمسألة الخلاف فيها سائغ ولا يكون خلافاً لا يحتمل.
فنقول: طالما أن هذه الأسباب موجودة ولا يمكن إزالتها فإنه يبقى اجتهاد البعض وترجيحه من أجل أن يصل إلى الصحيح أمر مطلوب، ولا يعني ذلك إلغاء اجتهاد غيره.
وبالتالي لا تضيق الصدور لوجود هذا بين أهل العلم، خاصة بين أهل السنة وأتباع السلف، فكون العلماء يختلفون لا يعني هذا أن المسألة غير محتملة بالنسبة لنا، الأمور ضيقة جداً فيها، كما يحدث لدى كثير ممن تعود السؤال دائماً عن الراجح بين الأقوال، وظن أن كل مسألة فيها قول راجح مطلقاً، وأن الترجيح هو ترجيح نهائي بالنسبة إلى الشرع لا بالنسبة إلى رأي فلان، ولم يتفطن أنه راجح عند فلان ومرجوح عند غيره.
ولا شك أن السؤال عن الراجح من الأقوال والأدلة أمر محمود من طالب العلم ودليل على ورعه وعدم حرصه على تعدد الأقوال لينتقي بشهوته أطيبها وأقربها إلى رغبته كما يفعل كثير من الجهلة فإنه يفرح بتعدد الآراء حتى ينتقي منها ما يريد، فهو يبحث عن الراجح من أجل أن يعمل به، وهذا ليس سؤالاً يذم صاحبه عليه.
فطالب العلم الذي يسأل عن الراجح لا نقول له: ما لك وللراجح؟ بل هذا أمر مطلوب؛ لأنه لا بد أن يعمل بناءً على هذا الراجح.
ولكن لابد من تعميق فقه مسائل الاختلاف السائغ عند طالب العلم، فنقول له: هذا الراجح عند فلان ليس هو الراجح مطلقاً؛ لكيلا يلزم الناس بعدم مخالفته أو يشدد عليهم إذا وقعوا في مخالفته.