الجمع بين إنكار ابن تيمية لتقسيم مسائل الدين إلى أصول وفروع وبين تقريره لذلك في بعض مصنفاته

وفي كلام شيخ الإسلام ملاحظتان: إنكاره التقسيم للأصول والفروع مع كونه يذكر هذه التسمية أحياناً ويقررها، ويقول: أصول الدين وفروعه، ولـ شيخ الإسلام رسالة سماها: معالم الوصول إلى أن أصول الدين وفروعه قد بينها الرسول.

إذاً: لم ينكر، ويقول: هذا كلام المعتزلة؟ نحن قلنا من قبل: التقسيم الاصطلاحي إذا لم ينبن عليه أحكام فلا حرج فيه، أما لو كان سيبنى عليه حكم فلا بد أن يكون هذا التقسيم شرعياً وليس اصطلاحياً، يعني: تقسيمنا الدين إلى فقه وتوحيد وتفسير، هل هذا تقسيم شرعي أو اصطلاحي؟ اصطلاحي، فقد اصطلح الناس على تقسيم هذه العلوم هكذا، أما تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر فهو شرعي، أي: أن الذي قسمه هو الرسول عليه الصلاة والسلام، فلا يأتي أحد وينكر هذا التقسيم، كشيخ قال في مسألة تكفير تارك الصلاة: هو كفر دون كفر.

فمن أين لهم أن يفرقوا ويقسموا الكفر هكذا وهكذا، أستغفر الله! من الذي قال هذا التقسيم؟ من الذي قال: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر)؟ من الذي قال: (إنكن تكفرن, قيل: يكفرن ماذا؟ قال: يكفرن العشير)؟ الرسول صلى الله عليه وسلم، فالتقسيم الشرعي هو الذي ينبني عليه تفرقة الحكم، لماذا نحن ننكر مثلاً على من يقسم الدين ويقول: عندنا ثلاثة مسائل هي أركان الدين: النسك والولاية والحكم، كما هو قول السبئية؟ لأنه رتب عليها الحكم، وقال: من يجهلهن فهو كافر.

فهذا تقسيم حادث، ولهذا لا يجوز البناء عليه، ولا مشاحة في الاصطلاح طالما نحن لن نبني عليه أحكاماً.

ومتى يكون التقسيم شرعياً أو اصطلاحياً؟ عندما تريد تصطلح على شيء من أجل أن تبين المسائل, لا بأس، فأنا سأقسم الدعوة إلى ثلاثة أنواع: توحيد واتباع وتزكية, سيقول شخص: لا هذه بدعة، سأقول له: إذا أنا بنيت على هذا التقسيم حكماً فهذه بدعة، ولو واحد قال لك: لا يجوز أن نزيد على الأقسام الثلاثة، أقول له: هل هذا التقسيم شرعي؟ هذا التقسيم اصطلاحي، والتقسيم الاصطلاحي نرده عندما يتحول إلى شرعي تبنى عليه الأحكام.

فنقول: إن إنكار ابن تيمية إنما هو لبناء أحكام التكفير والتبديع، فهو يرده وينكره على نوعية المسألة، إذا كان سيبني عليه أحكاماً علمية أو عملية إذاً سيرده، وليس إنكاراً للتسمية، فإذا لم يترتب على التقسيم حكم شرعي فلا مشاحة في الاصطلاح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015