البشر، وقيد كثيراً مما سمعه؛ وكانت الإسكندرية " محطة " الحجاج من الأندلس والمغرب، وملتقى الأفواج الجالية عن أوطانها من شرق وغرب، فالحروب الصليبية دفعت كثيرين من سكان البلاد المقدسة لاختيار الإسكندرية وطناً لهم، واحتلال النورمان لصقلية أخرج الصقليين عن وطنهم فوجدوا الأمن في الإسكندرية، والهزات المتلاحقة التي أصابت المدن الأندلسية جعلت كثيراً من أهلها يهاجرون إلى الإسكندرية، هذا إلى الجوابين من طلاب العلم، وأصحاب الأسفار البعيدة من طبقات التجار والمغامرين. ولقي السلفي كثيراً من هؤلاء، وقيد عنهم، وبعضهم كان ينزل في رحاب المدرسة العادلية، وبعضهم كان يلقاه مادحاً بأبيات من الشعر فينال جائزته، ولم يكن السلفي يقتصر على لقاء العلماء والمتعلمين بل كان كنفه رحباً لمختلف الطبقات، وكان شغفه بالتقييد يدفعه إلى تسجيل الفوائد أياً كان مصدرها، وكثيراً ما يخبرنا أنه قيد هذه الفائدة أو تلك لغرابة في اسم صاحبها. ولم يصطدم السلفي بالدولة وإن خالفها في المذهب، والعصر عصر الفاطميين والخليفة هو الحافظ، لسببين: أولهما خليقة السلفي على السهولة واليسر، وثانيهما ميل الدولة نفسها إلى شيء من التسامح، لحظه السلفي نفسه ونوه به.

حرصه على الإجازات:

ولم يكتف السلفي بالرحلة ولقاء العلماء والسماع منهم، بل كان؟ على عادة العلماء في عصره؟ يشال من بعدت داره أن يجيزه، كما كان هو نفسه يجيز من يسأله ذلك. فمن مشهور من أجازهم السلفي على البعد القاضي عياض، وكلف أبا الحسن علي بن إبراهيم بن يوسف الأنصاري السرقسطي أخذ إجازات الأندلسيين له سنه 512، أي العام التالي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015