ارتحاله إليها تتمة لرحلته في الطلب يعود بعدها إلى اصبهان وطنه؛ ومن اجل ذلك كان قد أنفذ تعليقاته من سماعات وأجزاء إلى اصبهان فلما لم تتفق له عودة إليها عهد إلى أبي العباس أحمد بن مروان بن محمد الشاطبي بأن يحملها إليه. كذلك خلف كثيراً من مقيداته في البلدان التي زارها، فأما ما قيده في آمد وديار بكر فقد تركه في ثغر آمد؛ وترك في ثغر سلماس ما قيده في أذربيجان وأرانيه وشروان وباب الأبواب وغيرها، وكان قد خرج من سلماس على نية الرجوع إليها.
أسباب إقامته في الإسكندرية:
اجتذبته الإسكندرية للإقامة فيها:
(1) لأنه تزوج فيها امرأة ذا يسار، وحصلت له ثروة بعد فقر وتصوف، ووجد الاستقرار أروح لنفسه.
(2) كان قد شبع من التطواف، وكان موقع الإسكندرية يهيء له لقاء الكثيرين دون الرحلة إليهم، فوجد نفسه في مركز العالم الإسلامي قادراً على الإفادة والاستفادة دون عناء الرحلة.
(3) بنى له العادل بن السلار مدرسة، وكان العادل قد ولي الإسكندرية مدة قبل أن يتولى الوزارة، فأصبح الاستقرار أمراً ضرورياً إذ كان السلفي هو شيخ هذه المدرسة يدرس فيها وفي المدرسة الصالحية الحديث ومسائل الخلاف وفقه الشافعي.
ومن ثم يمكن أن ترى في حياة السلفي مرحلتين: مرحلة التنقل قبل الإسكندرية ثم مرحلة الاستقرار وهي أطولهما، وفيها نال السلفي مكانة عالية، وقصده الناس من كل صوب، وتعرف إلى فئات متفاوتة من