فالجماعة المسلمة لها روابط قائمة على وحدة الدين , وهذه الرواط لها نظام عام شامل.
وحين يتكون مجتمع ما من أكثرية لها روابط قائمة على وحدة الدين، وأقلية لا تدين بدين الأكثرية، فإن الأكثرية ليست مطالبة في منطق المجتمعات البشرية كلها بأن تتنازل عن مبادئها ومصالحها من أجل الأقلية، وقد تعطى الأقلية بعض استثناءات لا تتعارض مع قواعد النظام العام، ولا تتعارض مع المصالح الكبرى للأكثرية.
وهنا أقول: هل يوجد في أية دولة ذات أكثرية نصرانية أو قومية من دول العالم أنظمة متعددة بعدد الأقليات الدينية أو القومية فيها؟!
أم توضع الأنظمة العامة بمقتضى رغبات ومصالح الأكثرية؟!
إن كل الأنظمة الديمقراطية في العالم تحددها -بحسب الظاهر - إرادة الأكثرية، ثم تفرض على الجميع، ومنهم الأقليات التي لم تحترم إرادتها، وفي أحسن الأحوال وبعد المطالبات الملحة قد تعطى إنسانياً بعض حقوق استثنائية، كالمعابد والمدارس الخاصة بها، وبعض المراكز التي يمكنون فيها من نشاطٍ ديني محدود، على الرغم من أنها أنظمة قائمة على مبادئ علمانية غير نصرانية.
أما الدول التي تشتد فيها النزعة النصرانية، فالأقليات المسلمة فيها مقهورة، مهضومة الحقوق، مضطهدة من أجل دينها، لا تجد أية مساواة بينها وبين الأكثرية النصرانية، في كل المجالات، وبعض الأقليات المسلمة في بعض البلدان النصرانية من هذا القبيل يفرض عليها تغيير أسمائها الإسلامية، فأين المساواة والمدعاة؟
هل وجدت الأقليات النصرانية في الدولة الإسلامية عبر تاريخها الطويل، شيئاً من هذا الذي تعاني منه الأقليات المسلمة في الدول ذات التعصب النصراني؟ إن الإسلام راعى للأقليات غير المسلمة استثناءاتها