على خلاف العبيد في تاريخ الشعوب النصرانية، الذين كانوا يسترقون نهباً وسلباً من السواحل الإفريقية، ويساقون بالتعذيب إلى أمريكا، وعلى أجسادهم أقام النصارى العالم الجديد، وهذه بقعة مظلمة سوداء في تاريخ الشعوب النصرانية، ولا زالت مظاهر الاستعلاء التفوقي للعرق الأبيض على الشعوب السود موجودةً حتى الآن، في الشعوب النصرانية، وهو ما يسمى بالتمييز العنصري، الذي تعاني منه الشعوب السود، على خلاف واقعهم بين شعوب الأمة الإسلامية.

وأما الرق فقد كان قبل الإسلام نظاماً عاماً عند كل الشعوب، وعند كل أهل الملل والنحل، ومنهم اليهود والنصارى. وقد كانت له أسبابٌ هي في معظمها ظالمة آثمة لا أخلاقية ولا إنسانية، تعتمد على السلب والنهب والسطو بالقوة المسلحة مع الإكراه بالقتل لمن يسترق، إذا تمرد على من استرقه أو على من اشتراه منه.

ولما جاء الإسلام حث على عتق العبيد، ولم يكن من الممكن إلغاء الرق نهائياً من طرف واحد، وهو طرف الأمة الإسلامية، لأن الرق من القضايا التي تواضعت عليها شعوب الأرض، لكن الإسلام منع كل الموارد الظالمة الآثمة التي كانت تمد نظام الرق، وتجعل الأحرار عبيداً، وكان من اللازم أن يعامل بالمثل في أسرى الحرب فقط، لأن الأسرى من المسلمين عند غير المسلمين كانوا عرضة ً للاسترقاق، أو يفدون بنظرائهم، أو بالأموال، فكان من العدل في نظام الإسلام المعاملة بالمثل. وزاد الإسلام الأسرى تكريماً، فأعطى القيادة المسلمة حق المن بإطلاق الأسرى دون مقابل، وبدأ النص القرآني به، وسكت عن الاسترقاق، إشعاراً بعدم الرغبة فيه، ولكن قد تدعو إليه المعاملة بالمثل، فقال الله عزَّ وجلَّ في سورة (محمد/47 مصحف/95 نزول) :

{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015