نفسه لحاجته إلى الأجرة، تجاه رب العمل، هو موقع المكلف المسؤول، الذي يتلقى أوامر الذي يعمل عنده، ويتلقى نواهيه، حول العمل الذي أجر طاقة عمله له ما دام أجيراً، وهذه العلاقة تحكمها ضوابط حقوقية.
وهي أيضاً تشبه العلاقة بين رئيس الدولة أو أي ذي سلطة إدارية، وبين الذين هم تحت سلطته.
فهل صاحب السلطة الإدارية له تفوق في خصائصه البشرية بسبب كونه في موقعه الإداري؟!
إن كثيرين من الذين هم تحت سلطته هم أفضل منه أضعافاً مضاعفة في خصائصهم وصفاتهم النفسية والجسدية، لكن موقعهم في حدود النظام الإداري هو موقع المأمور الذي يجب عليه أن يطيع أوامر رئيسه.
ونقول هنا لطارحي السؤال على طريقة سؤالهم: ما معنى هذا التفوق؟!
وإذا دافعوا عنه فنقول لهم على طريقتهم أيضاً: ما معنى الدفاع عن تفوق الرئيس على مرؤوسيه؟!. وما معنى تفوق المدير على من هم تحت إدارته؟!. وما معنى تفوق البابا على الكرادلة؟! وتفوق الكرادلة على البطارقة؟! وهكذا تسلسلاً حتى أدنى مراتب الإكليروس.
أما نحن المسلمين المؤمنين بمفاهيم الإسلام فلا نرى العلاقة بين العبد وسيده، ولا أمثالها تفوقاً، بل هو أمرٌ من النظام الاجتماعي اقتضته طبيعة الحياة الاجتماعية البشرية، لتنظيم أحوال الناس، ولولا ذلك لفسدت المجتمعات، ولصار الناس فوضى.
وتطبيقاً لهذا المفهوم الإسلامي اتخذ العبيد والموالي في تاريخ المسلمين سبلهم للارتقاء إلى أرفع المراتب الاجتماعية، فكان منهم كبار العلماء والمحدثين والقادة الموجهين، والأئمة الأعلام، ثم كانت لهم دولة ذات شأن تعرف في تاريخ المسلمين بدولة المماليك.