المفهوم الإسلامي للمساواة:

نظام الخلق تحكُمُه سُنَّةُ التفاضل لا التساوي، فشعار المساواة بصيغته التعميميَّة يتنافى مع نظام الخلق، وهو مطلب مناقض لمبدأ العدل، إلاَّ في بعض الأحوال، وهي التي يقضي العدل فيها بالتساوي.

فالإسلام يُقَرِّرُ ويَحْمِي مبدأ العدل، ومبدأ الإحسان، ولا يُقرُّ المساواة على أساس أنَّها مبدأ عامٌّ، وقاعدة مطَّردة، إنَّما يُقرُّهَا حينما يقتضيها العدل، أو يَتَبَرَّعُ بها المحسنون أصْحَابُ الحقِّ.

وإنَّما يقتضي العدلُ المساواة حينما يكون واقع الأفراد واقعاً متساوياً تماماً في كلِّ الصفات، أو تكونُ المساواةُ في الصفات التي يُوجدُ فيها التساوي، دون الصفات الأخرى المتفاضلة فيما بينها.

التفاضل سُنَّةُ اللهِ في الخلْق:

إننا لا نكاد نجد في الوجود شيئين متساويين تماماً في كلِّ صفاتهما، ولو كانا من جنس واحد، أو من نوع واحد، أو من صنف واحد. بل نجد أن صفاتهما متفاضلة، فالدَّعوة إلى المساواة بينهما دعوة إلى الْجَوْرِ والظُّلْم، ودَعْوةٌ إلى الأخذ بأمر باطل، وإلى إلغاء قانون العدل. وادِّعاء المساواة مع واقع التفاضل ادِّعاءٌ كاذب، والتسويةُ بين المتفاضلين عملٌ ظالم مناقض لقانون العدل، وكلُّ مناقضٍ لقانون العدل مناقض لكلمات الله التكوينيَّة والتشريعيَّة والخبريَّة التي تمَّتْ صِدْقاً وعدلاً، كما قال الله عزَّ وجلَّ في سورة (الأنعام/6 مصحف/55 نزول) :

{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .

إنَّ كلمة الله التكوينيَّة قد حدَّدت لها الإرادة الربَّانية خلقاً متفاضلاً، وهذه ظواهر الخلق شواهد:

هل الزجاج والألماس متساويان؟

هل الذهب والحديد متساويان؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015