(4) ومن الحقوق المشروعة للإنسان حقّ مطالبته بحقوقه التي هي له، وحقّ الاعرتاض على ظُلْمٍ لَحِقَ بِه، وحقُّ الشكْوَى ضدّ من ظَلَمه، وحقُّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل ربَّما يكون واجباً عليه في كثير من الأحوال، فمن حقِّه ممارسته، وحقُّ توجيه النُّصح لغيره محكوماً أو حاكماً، رعِيَّة أو سلطاناً.
الحجر على الحرِّيَّة
إذا عرفنا الم جالات التي يملك فيها الإنسان الحرِّيَّة الملاحَقَة بالمسؤولية والحساب والجزاء، والحريَّة غير الملاحقة بالمسؤولية، يتَّضح لنا ما يلي:
(1) لا حرِّية في ظلم أو عدوان أو هضم لحقوق الآخرين.
(2) لا حرِّيَّة في مخالفة الحقِّ والعدل والخير، في كلِّ سلوك عمليّ ذي أثرٍ مادِّيّ يضرُّ المجتمع أو يؤذيه أو يُفْسد نظامه.
(3) لا حرِّيَّة لمن آمن برسالة الإسلام، وبايع على الالتزام بأحكامه وشرائعه، في أن يخالف أحكامه، بترك فرائضه وارتكاب محرّماته، وإلاَّ كان عرضةً للملاحَقَة بالمسؤولية والمحاسبة، وبالجزاء المقرَّر في أحكامه، من قِبَلِ سلطة الدولة الإسلامية، إذا كانت المخالف لها عقوبة دنيويَّة مقرَّرة في الإسلام.
ومما يخالف أحكام الإسلام الانتحارُ، أو ارتكاب الإنسان شيئاً يضر بجسمه أو نفسه أو ملكاته الفكرية، أَو يُبَدِّد أمواله في المتالف بلا فائدة سفهاً وتبذيراً.
(
4) من أعلن دخوله في الإسلام باختياره الحرّ، فقد أعلن التزامه به وبأحكامه، فلا حرِّيَّة له بعد ذلك في الرِّدَّة عنه، وإِلاَّ فهو مُلاحَقٌ بعد استتابته بالمسؤولية الجزائية التي عقوبتها القتل، ولا حرِّية له أيضاً في الاعتراض على أحكامه وشرائعه المقرَّرة.