عن طريق إرادة المكلف غير المكرهة وغير الملجأةِ إلجاءً، فلا جبر لإرادات المكلّفين ولا قهر ولا قسر ولا إلجاء، ولو كان الأمر كذلك لما كان امتحاناً أصلاً.
كذلك نفعل نحن في امتحاناتنا واختباراتنا، حين يختبر بعضنا بعضاً، وبعد هذا أقول:
حين يوضع الإنسان في امتحان ما حول أمْرٍ معيَّن، كامتحانٍ في علم من العلوم، أو رياضة من الرِّياضات، أو مسابقة من المسابقات، فإنَّه لا يسمح له بحالٍ من الأحوال أنْ تتعدّى حرِّيته حدود مجال امتحانه.
فمثلاً: إذا كان يمتحن في مختبر الكيمياء لتحليل مادَّةٍ من المواد، فإن حريَّته تكون ضمن استعمال الأدوات على وفق شروطها، واستعمال الموادّ الكاشفة ضمن ضوابطها.
فإذا دخل مختبر الكيمياء، فأخذ يفسد الأدوات، ويحطِّم زجاجات الموادّ الكيميائية، فإنَّه يعاقب مباشرةً عقاباً صارماً حاسماً، أو يطرد من المختبر كلّياً، ويُخْرَجُ من دائرة الامتحان، وإخراجه هذا هو نظير قتل المجرم بجريمة تستحق بحكمة الرَّبّ الخالق إخراجه من مختبر الحياة الدنيا، عن طريق تكليف أولي الأمر من أصحاب السلطة الإدارية، أن يُنفِّذوا فيه عقوبة القتل.
وإذا كان يُمْتَحن في حلبة المصارعة فإنَّ حدود حرّيته تكون ضمن شروط متساوية مع قرينه أو قرنائه فيها، وضمن أعمال تتعلَّق بالامتحان نفسه.
فإذا تعدّاها، فأحضر أدوات ممنوعة، أو جعل يتعرَّض لِحَكَمِ المبارة كأنَّه خصم، أو صار يقذف جماهير المشاهدين بالحجارة، أو يرمي المصابيح الكهربائية فيحطِّمها، فإنَّ حرّيته تمنع حينئذٍ، ويُطْرَدُ من الحلبة كلها، وطرده منها يساوي تماماً طرد إنسانٍ من الحياة الدنيا بالقتل، إذا ارتكب أمراً تجاوز فيه حدود حرّية امتحانه.