وليس من المفروض أن يلزم أحد الزوجين بأن يتنازل عن مطالبه المادية إذا تنازل الشريك الآخر عن مطالبه المادية المناظرة لها؛ فقد يكون عند أحد الشريكين قدرة يستطيع بها أن يصبر على الحرمان، في حين أن الشريك الآخر ليس لديه مثل هذه القدرة.
وليس من العدل ولا من الحكمة في التزامات الحياة القائمة على التراضي بين فريقين، أن تُفْضِي إلى إكراه لأحد الفريقي أو لكليهما، رغم اختلال شرط من الشروط الأساسية التي قام عليها ذلك التراضي.
ولدى التأمل نرى أن اختلال شرط تلبية المطالب المادية الزوجية مما يجعل الزواج منحلاً في الواقع غالباً، وإن كان قائماً في الصورة، وعندئذ يكون حل هذه الشركة خيراً من استمرارها، ما لم يكن استمرارها مقروناً برضى كل من الشريكين رضاً قلبياً وظاهراً، لمصلحة يريانها ويقدرانها.
من كل ما سبق يتيبن لنا أنه قد تدعو الضرورة الملحة الفردية والاجتماعية إلى حل عقدة النكاح بين الزوجين، وهذه الضرورة تستدعي كل نظام أن يراعيها في أحكامه.
من أجل ذلك وجدنا الإسلام المنزل من لدن عليم حكيم خبير قد راعى هذه الضرورة، فشرع الطلاق مع كراهيته له، إذ جاء في الحديث: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق".
والإذن بالطلاق شبيه بالإذن ببتر عضو من أعضاء الجسد، حينما يُخشى من بقائه ضرر أشد من فقده، وهذه الضرورة هي التي دعت معظم القوانين الوضعية الحديثة في أوربا وأمريكا أن تخرج على تعاليم الكنيسة، وتبيح الطلاق إباحة تامة، إلا أنها تجاوزت في إباحته الحدود المنطقية، فلا تلاحظ المعوقات التي وضعها الإسلام رغبة بإصلاح ذات البين قبل بت الطلاق والجزم به بشكل نهائي.
المعوقات:
ولما دعت الضرورة الاجتماعية والفردية أن تتضمن الشريعة الإسلامية في