دواوين وَاخْتلف فِي مبدأ هَذَا الْعلم على أَقْوَال كَثِيرَة حَكَاهَا ابْن أبي أصيبعة فِي طَبَقَات الْأَطِبَّاء وَالْمُخْتَار وفَاقا لَهُ أَن بعضه علم بِالْوَحْي إِلَى بعض الْأَنْبِيَاء صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسائرة بالتجارب لما روى الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نَبِي الله سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ إِذا قَامَ يُصَلِّي رأى شَجَرَة نابتة بَين يَدَيْهِ فَيَقُول لَهَا مَا اسْمك فَتَقول كَذَا فَيَقُول لأي شَيْء أَنْت فَتَقول لكذا فَإِن كَانَت لدواء كتبت وَإِن كَانَت لداء كتبت وَإِن كَانَت لغرس غرست الحَدِيث الْأَركان للعناصر أَرْبَعَة نَار وهواء وَمَاء وتراب لِأَنَّهُ إِن كَانَ خَفِيفا بِالْإِطْلَاقِ فَالنَّار أَو بِالْإِضَافَة فالهواء أَو ثقيلا بِإِطْلَاق فالتراب أَو بِالْإِضَافَة فالماء
الْغذَاء بِالْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْقُوت جسم من شَأْنه أَن يصير جُزْءا شَبِيها بالمغتذي فَإِنَّهُ إِذا اسْتَقر فِي الْمعدة انهضم كَمَا تقدم فَيصير كيلوسا أَي جوهرا سيالا يشبه مَاء الكشك الثخين ثمَّ ينجذب لطيفه فَيجْرِي فِي عروق مُتَّصِلَة بالإمعاء فيصل إِلَى الْعرق الْمُسَمّى بَاب الكبد وَينفذ فِي أَجزَاء صَغِيرَة ضيقَة بِبَاب الكبد فيلاقيها بكليته فينطبخ فيعلوه شَيْء كالرغوة وَهُوَ الصَّفْرَاء ويرسب فِيهِ شَيْء وَهُوَ السَّوْدَاء ويحترق شَيْء وَهُوَ البلغم والمستصفى هُوَ الدَّم وَبِه تغتذي الْأَعْضَاء وَيصير جُزْءا مِنْهَا وَيدل على أَن الْغذَاء جُزْءا من المتغذي من الحَدِيث قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من
نبت لَحْمه من سحت فَالنَّار أولى بِهِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ
الْخَلْط جسم رطب سيال يَسْتَحِيل إِلَيْهِ الْغذَاء أَولا بالهضم الكبدي الْمَذْكُور الأخلاط الَّتِي عرف جِنْسهَا أَرْبَعَة دم فبلغم فصفراء فسوداء وعطفها بِالْفَاءِ للْإِشَارَة إِلَى أَن كلا أشرف مِمَّا يَلِيهِ اشرفها الدَّم لِأَن بِهِ غذَاء الْبدن ويليه البلغم لِأَنَّهُ دم بِالْقُوَّةِ ثمَّ الصَّفْرَاء لِأَنَّهَا توافقه فِي كَيْفيَّة والسوداء تخَالفه فِي كيفيتين
الْأَسْبَاب لكل مركب أَرْبَعَة مادي وَهُوَ مَا يحصل بِهِ إِمْكَان الشَّيْء وفاعلي وَهُوَ الْمُؤثر فِي وجوده وصوري وَهُوَ الَّذِي يجب عِنْد حُصُوله اغائي